للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واللهُ يُبْقيكَ لنا سَالِماً ... بُرْدَاكَ تَبْجِيلٌ وتعظيمُ١

فقوله: "برادك تبجيلٌ"، في مَوْضِع حالٍ ثانية، ولوْ أَنك أسقَطْتَ "سالماً" من البيت فقلتَ: "واللهُ يُبقيكَ بُرْداك تبجيل"، لم يكن شيئاً.

اختلاف الجمل الواقعة حالا، في مجيئها بالواو وبغيرها:

٢٤٠ - وإذْ قد رأيتَ الجملَ الواقعةَ حالاً قد اختلفَ بها الحالُ هذا الاختلافَ الظاهرَ، فلا بُدْ من أن يكونَ ذلك إنَّما كان من أجل علل توجيه وأسبابٍ تقْتضيه، فمُحالٌ أن يكون ههنا جملةٌ لا تَصْلحُ إلاَّ مع "الواوِ"، وأخرى لا تَصْلحُ فيها "الواوُ"، وثالثةٌ تَصْلُحُ أن تجيءَ فيهأ "بالواو" وأنْ تَدَعَها فلا تجيءُ بها، ثم لا يكونُ لذلك سبَبٌ وعلَّة، وفي الوقوفِ على العلَّة في ذلك إشكالٌ وغُموضٌ، ذلك لأنَّ الطريقَ إليه غيرُ مسْلوكٍ، والجهةَ التي منها تعرف غير معروفة، وأن أكتبُ لك أصْلاً في "الخبرِ" إذا عرَفْتَه انفتح لك وجه العلة في ذلك.

"الخبر" نوعان، جزء من الجملة وخبر ليس بجزء من الجملة:

٢٤١ - اعلم٢ أنَّ "الخبرَ" يَنقسمُ إلى خَبرٍ هو جُزءٌ من الجملةِ لا تَتمُّ الفائدةُ دونَه، وخَبرٍ ليس بجزءٍ منَ الجملة، ولكنه زيادةٌ في خبر آخر، سابق له. فالول خبر المبتدأن كمُنْطَلِقٌ في قولك: "زيدٌ مُنْطلقٌ"، والفعلُ كقولك: "خرجَ زيدٌ"، وكلُّ واحدٍ من هذين جزءٌ منَ الجملة، وهو الأَصْل في الفائدة والثاني هو الحالُ كقولك: "جاءني زيدٌ راكباً"، وذاكَ لأنَّ الحالَ خبرٌ في الحقيقة، مِنْ حيثُ إنك تُثْبتُ بها المعنى لذي الحالِ كما ثبت بخبر المبتدأ


١ في ديوانه: ٢٣١٥.
٢ هذه الفقرة رقم: ٢٤١، قد سلف بنصها في الفقرة: ١٧٩.