للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

للمبتدأ١، وبالفِعْل للفاعل. ألاَ تَراكَ قد أَثبتَّ الركوبَ في قولَك: "جاءني زيدٌ راكباً" لزيدٍ؟ إلاَّ أنَّ الفَرْقَ أنك جئْتَ به لتزيدَ معنًى في إخباركَ عنه بالمجيءِ، وهو أن تَجْعلَه بهذه الهيئة في مجيئهِ، ولم تُجرِّدْ إثباتَك للركوب ولم تُبْاشِرْه به ابتداءً٢، بل بدأْتَ فأَثبتَّ المجيءَ، ثم وَصلْت به الركوبَ، فالتبسَ به الإثباتُ على سَبيل التَّبَعِ لغيِره، وبشَرْط أنْ يكونَ في صِلَته, وأمَّا في الخبر المطلق نحو: "زيد منطلق" و "خرج عمرو"، فإنَّك أثبتَّ المعنى إثباتاً جرَّدْتَه له، وجعلْتَه يُباشِرُه من غيرِ واسطةٍ٣، ومن غيرِ أَن يتسبب بغيره إليه.

جملة الحال وامتناعها من الواو، وتفسير ذلك:

٢٤٢ - وإذْ قَدْ عَرفْتَ هذا، فاعلمْ أنَّ كلَّ جملةٍ وقعَتْ حالاً ثم امتنعَتْ منَ "الواو"، فذاك لأَجْل أنَّك عمَدْتَ إلى الفعل الواقعِ في صدرِها فضَمَمْتَه إلى الفعلِ الأَول في إثباتٍ واحدٍ، وكلُّ جملةٍ جاءتْ حالاً، ثم اقتضتْ "الواو"، فذاكَ لأنكَ مستأنِفٌ بها خَبَراً، وغيرُ قاصدٍ إلى أنْ تَضُمَّها إلى الفعلِ الأولِ في الإثبات.

٢٤٣ - تفسيرُ هذا: أَنك إذا قلْتَ: "جاءني زيدٌ يُسْرعُ"، كانَ بمنزلة قَوْلِك: "جاءني زيدٌ مُسرعاً"، في أنك تُثْبِتُ مَجيئاً فيه إسْراعٌ، وتَصِلُ أَحَد المعنَييْنِ بالآخَرِ، وتجعلُ الكلامَ خبراً واحداً، وتريدُ أن تقولَ: "جاءني كذلك، وجاءني بهذه الهيئة"، وهكذا قوله:


١ في المطبوعة: "كما تثبته بالخبر للمبتدأ"، وفينسخة عند رشيد رضا، كالذي أثبت هنا.
٢ "ابتداء" زئادة في هذا الموضع، ولم تكن في رقم: ١٧٩.
٣ في المطبوعة "مباشرة"، وقال رشيد رضا: "في نسخة: يباشره".