للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى إجابته بعد ان استخلف على المغرب. ابنه المعزّ، وأنزله بتلمسان ثغر المغرب وولّى على عدوة القرويين من فاس علي بن محمود بن أبي عليّ قشوش، وعلى عدوة الأندلسيين عبد الرحمن بن عبد الكريم بن ثعلبة. وقدّم بين يديه هدية إلى المنصور، ووفد عليه فاستقبله بالجيوش والعدّة واحتفل للقائه، وأوسع نزله وجرايته ونوّه باسمه في الوزارة وأقطعه رزقها. وأثبت رجاله في الديوان ووصله بقيمة هديّته وأسنى فيها. وأعظم جائزته وجائزة وفده وعجّل تسريحه إلى عمله فقفل إلى إمارته من المغرب. ونمي عنه خلاف ما احتسب فيه من غمط [١] المعروف وإنكار الصنيع، والاستنكاف من لقب الوزارة الّذي نوّه به، حتى أنه قال لبعض حشمه، وقد دعاه بالوزير: وزير من يا لكع [٢] فما والله إلا أمير ابن أمير، وا عجبا من ابن أبي عامر ومخرقته [٣] ، والله لو كان بالأندلس رجل ما تركه على حاله، وإن له منّا ليوما، والله لقد تأجّرني فيما أهديت إليه حطا للقيم، ثم غالطني بما بذله تنبيتا للكرم، إلّا أن يحتسب بثمن الوزارة التي حطّني بها عن رتبتي.

ونمي ذلك إلى ابن أبي عامر فصرّ عليها أذنه وزاد في اصطناعه، وبعث بدوي بن يعلى اليفرني قريعة في ملك زناتة يدعوه إلى الوفادة فأساء إجابته وقال: متى عهد المنصور حمر الوحش تنقاد للبياطرة. وأخذ في إفساد السابلة والاجلاب على الأحياء والعيث في العمالة، فأوعز المنصور إلى عامله بالمغرب الوزير حسن بن عبد الودود بنبذ العهد إليه، ومظاهرة عدوّه زيري بن عطية عليه، فجمعوا له سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة ولقوة فكانت الدائرة عليهم، وتخرّم العسكر وأثبت [٤] الوزير ابن عبد الودود جراحة كان فيها حتفه. وبلغ الخبر إلى المنصور فشقّ عليه وأهمه شأن المغرب، وعقد عليه لوقته لزيري بن عطية، وكتب إليه بعهده وأمر بضبط المغرب ومكانفة [٥] جند السلطان وأصحاب حسن بن عبد الودود، فاطلع بأعبائه وأحسن الغناء في عمله.


[١] غمط: احتقره وازدرى به.
[٢] بمعنى أحمق.
[٣] لعله ينوي خرقه: أي حمقه وسوء تصرّفه.
[٤] وفي نسخة أخرى: أثبتت. ويقال طعنه فاثبت فيه الرمح أي أنفذه، وضربوه حتى أثبتوه: أي أثخنوه (القاموس) .
[٥] بمعنى المحافظة على جند السلطان وفي نسخة أخرى: مكاتبة.

<<  <  ج: ص:  >  >>