للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لَا يُكَلِّمْنِي أَحَدٌ، حَتَّى كَانَ الْأَحَدُ، وَانْصَرَفَ إِلَيَّ، فَذَهَبْنَا إِلَى مَكَانِهِمِ الَّذِي يَجْتَمِعُونَ فِيهِ فِي الْأَحَدِ، فَكَانُوا يُفْطِرُونَ فِيهِ، وَيَلْقَى بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَيُسَلِّمُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، ثُمَّ لَا يَلْتَقُونَ إِلَى مِثْلِهِ، قَالَ: فَرَجَعْنَا إِلَى مَنْزِلِنَا فَقَالَ لِي مِثْلَ مَا قَالَ أَوَّلَ مَرَّةٍ [١] ، ثُمَّ لَمْ يُكَلِّمْنِي إِلَى الْأَحَدِ الْآخَرِ [٢] ، فَحَدَّثْتُ نَفْسِي بِالْفِرَارِ فَقُلْتُ:

اصْبِرْ أَحَدَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً فَلَمَّا كَانَ الْأَحَدُ [٣] وَاجْتَمَعُوا، قَالَ لَهُمْ: إِنِّي أُرِيدُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ.

فَقَالُوا: مَا تُرِيدُ إِلَى ذَلِكَ؟ قَالَ: لَا عَهْدَ لِي بِهِ.

قَالُوا: إِنَّا نَخَافُ أَنْ يَحْدُثَ بِكَ حَدَثٌ فَيَلِيَكَ غَيْرُنَا [٤] ، قَالَ: فَلَمَّا سَمِعْتُهُ يَذْكُرُ ذَلِكَ [٥] خَرَجْتُ، فَخَرَجْنَا أَنَا وَهُوَ، فَكَانَ يَصُومُ مِنَ الْأَحَدِ إِلَى الْأَحَدِ، وَيُصَلِّي اللَّيْلَ كُلَّهُ، وَيَمْشِي بِالنَّهَارِ، فَإِذَا نَزَلْنَا قَامَ يُصَلِّي [٦] ، فَأَتَيْنَا بَيْتَ الْمَقْدِسِ، وَعَلَى الْبَابِ [٧] مُقْعَدٌ يَسْأَلُ فَقَالَ: أَعْطِنِي قَالَ: مَا مَعِي شَيْءٌ، فَدَخَلْنَا بَيْتَ الْمَقْدِسِ، فَلَمَّا رَأَوْهُ [٨] بَشُّوا إِلَيْهِ وَاسْتَبْشَرُوا بِهِ، فَقَالَ لَهُمْ: غُلَامِي هَذَا فَاسْتَوْصُوا بِهِ، فَانْطَلَقُوا بِي فَأَطْعَمُونِي خُبْزًا وَلَحْمًا، وَدَخَلَ فِي الصَّلَاةِ، فَلَمْ يَنْصَرِفْ إِلَى الْأَحَدِ الْآخَرِ [٩] ، ثُمَّ انْصَرَفَ فَقَالَ: يَا


[١] في المعجم «هذا خبز أدم فكل منه إِذَا غَرِثْتَ، وَصُمْ إِذَا نَشِطْتَ، وَصَلِّ مَا بدا لك، ونم إذا كسلت، ثم دخل في صلاته فلم يلتفت إليّ» .
[٢] في المعجم «وأخذني غمّ» .
[٣] في المعجم «رجعنا إليهم فأفطروا واجتمعوا» .
[٤] في المعجم «وكنا نحبّ أن نليك، قال: لا عهد لي به» .
[٥] في المعجم «فرحت، قلت نسافر ونلقى الناس فيذهب عني الغمّ الّذي كنت أجد» .
[٦] في المعجم «فلم يزل ذلك دأبه حتى انتهينا إلى بيت المقدس» .
[٧] في المعجم «وعلى الباب رجل مقعد يسأل الناس» .
[٨] في المعجم «فلما رآه أهل بيت المقدس» .
[٩] في المعجم «حتى كان يوم الأحد» .