للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْفَضْلِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ. قَالَ: قَدِمَ زِيَادٌ الْمَدِينَةَ فَخَطَبَهُمْ وَقَالَ: يَا مَعْشَرَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ حَسُنَ نَظَرُهُ لَكُمْ، وَأَنَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مَفْزَعًا تَفْزَعُونَ إِلَيْهِ، يَزِيدُ ابْنُهُ. فَقَامَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ فقال: يا معشر بني أميّة اختاروا منها بَيْنَ ثَلاثَةً، بَيْنَ سُنَّةِِ رَسُولِ اللَّهِ، أَوْ سُنَّةِ أَبِي بَكْرٍ، أَوْ سُنَّةِ عُمَرَ، إِنَّ هَذَا الأَمْرَ قَدْ كَانَ، وَفِي أَهْلِ بَيْتِ رسول الله صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ مَنْ لَوْ وَلاهُ ذَلِكَ، لَكَانَ لِذَلِكَ أَهَلا، ثُمَّ كَانَ أَبُو بَكْرٍ، فَكَانَ فِي أَهْلِ بَيْتِهِ مَنْ لَوْ وَلاهُ، لَكَانَ لِذَلِكَ أَهْلا، فَوَلاهَا عُمَرَ فَكَانَ بَعْدَهُ، وَقَدْ كَانَ فِي أَهْلِ بَيْتِ عُمَرَ مَنْ لَوْ وَلاهُ ذَلِكَ، لَكَانَ لَهُ أَهْلًا، فَجَعَلَهَا فِي نَفَرٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، أَلَّا وَإِنَّمَا أَرَدْتُمْ أَنْ تَجْعَلَوْهَا قَيْصَرِيَّةً، كُلَّمَا مَاتَ قَيْصَرُ كَانَ قَيْصَرُ، فَغَضِبَ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ، وَقَالَ لعَبْد الرَّحْمَنِ: هَذَا الَّذِي أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ: وَالَّذِي قَالَ لِوالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُما ٤٦: ١٧ [١] فَقَالَتْ عَائِشَةُ: كَذَبْتَ، إِنَّمَا أَنْزَلَ ذَلِكَ فِي فُلانٍ، وَأَشْهَدُ أَنَّ اللَّهَ لَعَنَ أَبَاكَ عَلَى لسان نبيّه صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ وَأَنْتَ فِي صُلْبِهِ.

وَقَالَ سالم بن عَبْد اللَّهِ: لَمَّا أرادوا أن يبايعوا ليزيد قَامَ مروان فَقَالَ:

سَنَة أَبِي بكر الراشدة المهديّة، فقام عَبْد الرَّحْمَنِ بن أبي بكر فَقَالَ: ليس بسُنّة أَبِي بكر، وقد ترك أبو بكر الأهل والعشيرة، وعدل إِلَى رَجُلٌ من بني عديّ، أن رأي أَنَّهُ لذلك أَهْلًا، ولكنها هِرَقْلية.

وَقَالَ النُّعْمَانُ بْنُ رَاشِدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ذَكْوَانَ مَوْلَى عَائِشَةَ قَالَ: لَمَّا أَجْمَعَ مُعَاوِيَةُ عَلَى أَنْ يبايع لابنه حَجَّ، فَقَدِمَ مَكَّةَ فِي نَحْوِ مِنْ أَلْفِ رَجُلٍ، فَلَمَّا دَنَا مِنَ الْمَدِينَةِ خَرَجَ ابْنُ عُمَرَ، وَابْنُ الزُّبَيْرِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، فَلَمَّا قَدِمَ مُعَاوِيَةُ الْمَدِينَةَ [٢] حَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ ذَكَرَ ابْنَهُ يَزِيدَ فَقَالَ: مَنْ أَحَقُّ بِهَذَا الأَمْرِ مِنْهُ، ثُمَّ ارْتَحَلَ فَقَدِمَ مَكَّةَ، فَقَضَى طَوَافَهُ، وَدَخَلَ مَنْزِلَهُ، فَبَعَثَ إِلَى ابْنِ عُمَرَ، فَتَشَهَّدَ وَقَالَ: أَمَّا بَعْدُ يا بن عُمَرَ، إِنَّكَ كُنْتَ تُحَدِّثُنِي أَنَّكَ لا تُحِبُّ تَبِيتُ لَيْلَةً سَوْدَاءَ، لَيْسَ عَلَيْكَ فِيهَا أَمِيرٌ، وَإِنِّي أُحَذِّرُكَ أَنْ تَشُقَّ عَصَا الْمُسْلِمِينَ، أَوْ تَسْعَى فِي فَسَادِ ذَاتَ بَيْنِهِمْ. فَحَمِدَ ابْنُ عمر الله وأثنى عليه،


[١] الأحقاف/ ١٧.
[٢] في تاريخ خليفة: ٢١٣ «فلما قدم معاوية المدينة صعد المنبر فحمد الله ... » .