للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأجاز لَهُ أبُو رَوْح الهَروي، والمؤيد الطوسيّ، وطائفة.

وكان عديم النّظير. فضلا ونبلا وذكاء وزكاء ورأيا ودهاء ومنظرا ورِداء وجلالة وبهاء.

وكان محدثا حافظا، ومؤرّخا وصادقا، وفقيها مفتيا، ومُنشِئًا بليغا، وكاتبا مجودا، درّس وأفتى وصنف وترسل عَن الملوك [١] .

وكان رأسا فِي كتابة الخط المنسوب، وبه عرض الصاحبُ فتُحُ الدّين عَبْد الله بْن محمد بْن القيسرانيّ حيث يَقُولُ، وقد سمعتُه منه:

بوجه معذّبي آياتُ حُسْنٍ ... فقُلْ ما شئتَ فيه ولا تحاشي

ونسخة حُسْنِه قُرِئتْ فمنحت ... وها خط الكمالِ عَلَى الحواشي.

ذكره شيخُنا الدّمياطيّ فأطنب فِي وصفه، وقال: وُلّي قضاءَ حلب خمسة من آبائه مُتتالية، وله الخطّ البديع والخطّ الرّفيع والتّصانيف الرائقة. منها «تاريخ حلب» [٢] ، أدركَتْه المَنِية قبل إكمال تبييضه. وكان بارّا بي، حفِيًا محسنا إلي،


[١] وكان شاعرا أيضا، وكان قدم إلى مصر لما جفل الناس من التتر ثم عاد بعد خراب حلب إليها، فلما نظر ما فعله التتر من خراب حلب وقتل أهلها بعد تلك العمارة قال في ذلك قصيدة طويلة فيها:
هو الدهر ما تبنيه كفاك يهدم ... وإن رمت إنصافا لديه فتظلم
أباد ملوك الفرس جمعا وقيصرا ... وأصمت لدى فرسانها منه أسهم
وأفنى بني أيوب مع كثرة جمعهم ... وما منهم إلّا مليك معظم
وملك بين العبّاس زال ولم يدع ... لهم أثرا من بعدهم وهم هم
وأعتابهم أضحت تداس وعهدها ... تبأس بأفواه الملوك وتلثم
وعن حلب ما شئت قل من عجائب ... أحلّ بها يا صاح إن كنت تعلم
ومنها:
فيا لك من يوم شديد لغامه ... وقد أصبحت فيه المساجد تهدم
وقد درست تلك المدارس وارتمت ... مصاحفها فوق الثرى وهي ضخم
وهي طويلة وآخرها:
ولكنما الله في ذا مشيئة ... فيفعل فينا ما يشاء ويحكم
(المختصر في أخبار البشر) .
[٢] له كتابان عن حلب، أحدهما: «زبدة الحلب من تاريخ حلب» حققه الدكتور سامي الدهان، ونشره المعهد الفرنسي بدمشق، والآخر: «بغية الطلب في تاريخ حلب» وطبع مؤخّرا بتحقيق الدكتور سهيل زكار، بدمشق. وفيه نقص.