للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إِلَى ضَيْعَتِهِ فَقَالَ: أَيْنَ [١] كُنْتَ؟ فَقُلْتُ: [٢] مَرَرْتُ بِالنَّصَارَى، فَأَعْجَبَنِي صَلَاتُهُمْ وَدُعَاؤُهُمْ، فَجَلَسْتُ أَنْظُرُ كَيْفَ يَفْعَلُونَ. قَالَ: أَيْ بُنَيَّ دِينُكَ وَدِينُ آبَائِكَ خَيْرٌ مِنْ دِينِهِمْ، فَقُلْتُ: لَا وَاللَّهِ مَا هُوَ بِخَيْرٍ مِنْ دِينِهِمْ، هَؤُلَاءِ قَوْمٌ يَعْبُدُونَ اللَّهَ، وَيَدْعُونَهُ وَيُصَلُّونَ لَهُ، نَحْنُ [٣] نَعْبُدُ نَارًا نُوقِدُهَا بِأَيْدِينَا، إِذَا تَرَكْنَاهَا مَاتَتْ، فَخَافَ [٤] فَجَعَلَ فِي رِجْلَيَّ حَدِيدًا وَحَبَسَنِي [٥] ، فَبَعَثْتُ إِلَى النَّصَارَى فَقُلْتُ: أَيْنَ أَصْلُ [٦] هَذَا الدِّينِ الَّذِي أَرَاكُمْ عَلَيْهِ؟ قَالُوا: بِالشَّامِ، فَقُلْتُ: فَإِذَا قَدِمَ عَلَيْكُمْ مِنْ هُنَاكَ نَاسٌ فَآذِنُونِي، قَالُوا: نَفْعَلُ، فَقَدِمَ عَلَيْهِمْ نَاسٌ مِنْ تُجَّارِهِمْ [٧] فَآذَنُونِي بِهِمْ، فَطَرَحْتُ الْحَدِيدَ مِنْ [٨] رِجْلَيَّ وَلَحِقْتُ بِهِمْ، فَقَدِمْتُ مَعَهُمُ الشَّامَ [٩] ، فَقُلْتُ: مَنْ أَفْضَلُ أَهْلِ هَذَا الدِّينِ؟ قَالُوا:

الْأَسْقُفُّ صَاحِبُ الْكَنِيسَةِ، فَجِئْتُهُ فَقُلْتُ: إِنِّي قَدْ أَحْبَبَتُ أَنْ أَكُونَ مَعَكَ فِي كَنِيسَتِكَ، وَأَعْبُدَ اللَّهَ فِيهَا مَعَكَ، وَأَتَعَلَّمَ مِنْكَ الْخَيْرَ، قَالَ: فَكُنْ مَعِي، قَالَ: فَكُنْتُ مَعَهُ، فَكَانَ رَجُلَ سَوْءٍ، يَأْمُرُ بِالصَّدَقَةِ وَيُرَغِّبُهُمْ فِيهَا، فَإِذَا جَمَعُوهَا لَهُ [١٠] اكْتَنَزَهَا وَلَمْ يُعْطِهَا الْمَسَاكِينَ، فَأَبْغَضْتُهُ بُغْضًا شَدِيدًا، لِمَا رَأَيْتُ مِنْ حَالِهِ، فَلَمْ يَنْشَبْ أَنْ مَاتَ، فَلَمَّا جَاءُوا لِيَدْفِنُوهُ قُلْتُ لهم: هذا رجل


[١] في السير «أي بني أين كنت، ألم أكن قلت لك» ؟.
[٢] في السير ٨٧ «فقلت: يا أبتاه مررت بأناس يقال لهم النصارى» .
[٣] في السير «ونحن إنّما نعبد» .
[٤] في السير «فخافني» .
[٥] في السير «وحبسني في بيت عنده» .
[٦] في السير «فقلت لهم: أين أهل» .
[٧] يحذف المؤلّف هنا فقرة، أنقلها من السير هي: «فبعثوا إليّ: إنه قد قدم علينا تجار من تجارنا، فبعثت إليهم إذا قضوا حوائجهم وأرادوا الخروج فآذنوني بهم، قالوا: نفعل، فلما قضوا حوائجهم، وأرادوا الرحيل بعثوا إليّ بذلك» .
[٨] في السير «الّذي في رجلي» .
[٩] في السير «فانطلقت معهم حتى قدمت الشام، فلما قدمتها قلت» .
[١٠] في السير «إليه» .