للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأصبح وقد ردّ اللَّه عَلَيْهِ بصره [١] .

وعن جبريل بْن ميكائيل: سَمِعْتُ الْبُخَارِيّ يَقُولُ: لمّا بلغت خراسان أُصِبتُ ببصري، فعلّمني رَجُل أن أحلق رأسي وأغلّفه بالخطميّ، ففعلت، فردّ اللَّه عَلِيّ بصَرِيّ [٢] . رواها غُنْجَار فِي تاريخه.

وقال أَبُو جعْفَر محمد بْن أَبِي حاتم الورّاق: قلت للبخاريّ: كيف كَانَ بدوّ أمرِك؟

قَالَ: ألْهِمْتُ حِفْظَ الحديث فِي المكتب ولي عشر سنين أو أقلّ. وخرجت مِنَ الكُتّاب بعد العَشْر، فجعلت أختلف إلى الداخليّ وغيره، فقال يومًا فيما يقرأ عَلى الناس: سُفْيَان، عَنْ أَبِي الزُّبَيْر عَنْ إِبْرَاهِيم. فقلت لَهُ إنّ أبا الزُّبَيْر لم يَرْوِ عَنْ إِبْرَاهِيم. فانتهرني، فقلت لَهُ: ارجع إلى الأصل.

فدخل ثمّ خرج فقال لي: كيف هُوَ يا غلَام؟

قلت: هو الزُّبَيْر بْن عديّ، عَنْ إِبْرَاهِيم.

فأخذ القلم منّي وأصلحّه، وقال: صدقت.

فقال للبخاريّ بعض أصحابه: ابن كم كنت؟

قَالَ: ابن إحدى عشرة سنة. فلمّا طعنتُ فِي ستٍّ عشرة سنة حفظت كُتُب ابن المبارك، ووَكِيع، وعرفت كلَام هؤلَاء. ثم خرجتُ مَعَ أبي وأخي أَحْمَد إلى مكّة. فلمّا حَجَجْتُ رجع أخي بها وتخلّفتُ فِي طلب الحديث.

فلمّا طعنتُ فِي ثمان عشرة سنة جعلتُ أُصنِّف قضايا الصَّحابة والتّابعين وأقاويلهم، وذلك أيّام عُبَيْد اللَّه بْن مُوسَى. وصّنّفتُ كتاب «التّاريخ» إذ ذاك عِنْدَ قَبْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي اللّيالي المُقْمرة. وقلِّ اسم فِي «التّاريخ» إلَا وله عندي قصّة.

إلَا أنيّ كرهتُ تطويل الكتاب [٣] .

وقال عَمْرو بْن حفص الأشقر: كنّا مَعَ الْبُخَارِيّ بالبصرة نكتب الحديث،


[١] الوافي بالوفيات ٢/ ٢٠٧، ٢٠٨.
[٢] الوافي بالوفيات ٢/ ٢٠٨.
[٣] تاريخ بغداد ٢/ ٧.