للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى التاسع عشر داخل أوروبا (١١ - ١٣ هـ)، وأنه أقرب إلى الإلحاد مع صلة يهودية واضحة، وأنه يتمسح بدعوات ثقافية واجتماعية على رأسها العلم والعقل والحرية والمساواة والإخاء وهذا للتسويق، ولكن المشكلة هي انتساب بعض العلماء والمفكرين الأوروبيين المشاهير إليها، مما جعلها أكثر جاذبية للمتغربين من العالم الإِسلامي، وسوقت نفسها داخل العالم الإِسلامي بمثل تلك الشعارات وكانت في القرن الثالث عشر/ التاسع عشر من أبرز اللاعبين داخل العالم الإسلامي.

فبهذه الخلفية العجيبة وبهذه التركة الثقيلة الخبيثة وبهذا الدعم الواسع دخلت إلى العالم الإِسلامي، وكان أول دخول لها سجلته لنا الوثائق التاريخية بوضوح مع الحملة الفرنسية. افتتح "كليبر" أحد قواد الحملة الفرنسية على مصر المحفل الماسوني الأول فيها، حيث كان هناك مجموعة منهم ضمن الجيش (١)، فالجيش هو ابن الثورة الفرنسية التي دخلها الماسون بقوة، ولكن أمر المحفل اختفى بعد خروج الحملة، ومع اختفائه إلا أن بعض أعضائه فيما يظهر اشتغلوا في الخفاء حتى جاء ذاك التسامح الخطير من قبل محمَّد علي وأبنائه من بعده، ولاسيّما في عهد إسماعيل فظهرت محافلهم ونشاطها (٢)، أما الدولة العثمانية فقد كانت سالونيك تعج بطائفة يهودية كبيرة وكانت الماسونية تعشش هناك بكل سهولة (٣)، وكذا الحال في بلاد الشام، ولاسيّما داخل الطائفة النصرانية،


(١) انظر: تاريخ الماسونية ص ١٤٥.
(٢) انظر: تاريخ الفكر المصري الحديث. . . .، ص ٢٨٦ ويقول الماسوني المشهور "جرجي زيدان" في كتابه: تاريخ الماسونية "الحمد لله أن الماسونية ما انفكت منذ نشأتها متمتعة بحماية ولاة النعم، حيث أقامت وما ذلك إلا لثقته بصحة مبادئها ولعلمهم بإخلاصها للأمة والوطن والدولة وعلى الخصوص الماسونية الرمزية. . . ."، إلى أن قال: "ومن الرجال العظام الذين شرفوا هذه العشيرة بحمايتهم ورعوه بعين عنايتهم سمو الخديوي السابق إسماعيل باشا الأفخم"، ثم تحدث عن مثول أستاذهم الأعظم بين يدي الخديوي وتقديمه واجب العبودية، ثم قال: "فتعهد الأستاذ الأعظم بالشرف أن الماسونية لا تسير إلا كما اشترط سموه. وعلى ذلك تم التعاضد بين الحكومة المدنية والدولة الماسونية وأصبحت القوتان يدًا واحدة في ترقية شأن الأمة ورفع منار الفضيلة" ص ١٥١، هكذا الحديث عن دولتين، دولة داخل دولة، وانظر حول محافلهم في مصر الكتاب نفسه ص ١٤٣ - ١٦٤.
(٣) انظر مثلًا: تاريخ الماسونية، جرجي زيدان، وهو ماسوني مشهور ص ١٣٩ - ١٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>