للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لو عرفوا موجهًا وقيادة إسلامية قوية لكان المسار مختلفًا. ولكن هذا الحماس قابله قيادات تغريبية خطيرة فتحت المجال لدخول الماسون واليهود وبقية الأقليات إلى هذا التجمع الناشئ، ومن ثم استغلاله بما يناسب أهدافهم، ويذكر الشوابكة أن اليهود وجدوا في الاتحاد والترقي منفذًا مناسبًا فتقربوا من أعضائها وهيؤوا لها سبل العمل بما وفروه لها من مال ومكان، بل تمكنوا من إيصال عناصر يهودية إلى عضويتها، وقد كان الكثير من اجتماعاتهم تتم في مقر المحافل الماسونية؛ لأنها كانت محمية بنظام الحماية فلا تتعرض لها الدولة (١).

وقد كتب الشيخ "محمَّد رشيد رضا" المصاحب لتلك المرحلة بعد أن كان متعاطفًا مع الاتحاديين، ثم انقلب عليهم عندما تكشّف له حالهم -فذكر أن الماسون قد تنفسوا بعد انقلاب (١٩٠٨ م) وأسسوا شرقًا عثمانيًا (٢)، أستاذه الأعظم وزير الداخلية "طلعت باشا"، وذكر أن زعماء الاتحاد والترقي أصحاب الانقلاب "هم من شيعة الماسون، وهم مجتهدون في نشرها بين رجال الحكومة وضباط الجيش" (٣)، وقد ذكر أحد قادتهم أثر المساعدات المالية والمعنوية التي تلقوها من الجمعية الماسونية الإيطالية في نجاح الانقلاب.

وقد تأكد فيما بعد حقيقة الأثر الماسوني باعتراف قيادات مهمة في الاتحاد والترقي، بأنهم وقعوا تحت تأثير الماسونية والصهيونية، ومن ذلك حوار "أنور باشا" مع "جمال باشا" أن ذنبهم أنهم لم يعرفوا قدْر السلطان عبد الحميد وأنهم أصبحوا "آلة بيد الصهيونية، واستثمرتنا الماسونية العالمية، نحن بذلنا جهودنا للصهيونية، فهذا ذنبنا الحقيقي"، ويقول قائدهم العسكري: "لقد وقعنا في شرك اليهود، عندما نفذنا رغبات اليهود عن طريق الماسونيين لقاء صفيحتين من الليرات الذهبية" (٤).


(١) انظر كتابه: حركة الجامعة الإِسلامية ص ٣٠٨ - ٣٠٩، وانظر: ص ١١٠ - ١١١.
(٢) انظر كتابه: المؤامرة الكبرى على بلاد الشام. . . .، محمد الخالدي ص ٧٥.
(٣) انظر: المرجع السابق، ص ١٠٣.
(٤) انظر: الدولة العثمانية. . . .، د. الصلابي ص ٥١٣، عن اليهود والدولة العثمانية، أحمد النعيمي ص ٢٢٨ - ٢٢٩، وانظر حول دور "تركيا الفتاة" و"جمعية الاتحاد والترقي": الدور السياسي ليهود الدونمة في تركيا ص ١٧٣ وما بعدها، حقيقة يهود الدونمة في تركيا ص ٣٦ وما بعدها، تركيا اليهودية، د. سليمان المدني ص ١١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>