للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُنْزَفُون: يَسْكَرُون - تذهبُ عقولهم، يقال لغة: شرب خمراً فأنزف، أي: سَكِر، أو ذهب عقله.

الشاهد: {لاَ فِيهَا غَوْلٌ} قُدّم المسندُ هو {فِيهَا} المتعلق بخبر محذوف مقدر، وأخِّر المسند إليه وهو {غَوْلٌ} لإِفادة التخصيص، أي: خمر الجنّة مخصوصة بنفي الغول عنها بخلاف خمر الدنيا، فنفي الْغَوْلِ مقصورٌ على خمر الجنة لاَ يَتَعَدَّاها إلى غيرها من الخمور، وهي خمور الدنيا.

والنصوص القرآنية الشواهد على هذا الداعي كثيرة.

***

الداعي الثاني: قالوا التّنْبِيه من أوّل الامر على أنّه خبرٌ لا نعت، إذا كان تأخيره قد يوهم ابتداءً أنّه نعتٌ للمسند إليه.

ويمكن أن نصوغ هذا الداعي بأن نقول: دفع سَبْقِ التوهّم إلى أنّه نعت، بالتَّنْبِيه على أنه خبر مع بدء الجملة.

أمثلة:

(١) قول أبي بكر النّطّاح في وصف أبي دُلف العجلي:

لَهُ هِمَمٌ لاَ مُنْتَهى لِكِبَارِهَا ... وَهِمَّتُهُ الصُّغْرَى أَجَلُّ مِنَ الدَّهْرِ

أصل الكلام: "هِمَمٌ لَهُ لاَ مُنْتَهَى لِكبَارِها" لكنّ هذه الصيغة توهم أنّ "لَهُ" صفة لهمم، لأنّ النكرة تستدعي النعت أكثر ممّا تستدعي الخبر، وهو يريد أن يُثبت لممدوحه همماً لا منتهى لكبارها، ودفعاً للتوهم الذي كان يمكن أن يحدثُ قدَّم المسند وهو "له" على المسند إليه وهو "هِمَمٌ" لا منتهى لكبارِها".

وجاء في شعره فيه بعد هذا البيت قوله:

لَهُ رَاحَةٌ لوْ أنَّ مِعْشَارَ جُودِها ... عَلَى الْبَرِّ كَانَ البَرُّ أَنْدَى مِنَ الْبَحْر

<<  <  ج: ص:  >  >>