للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وينبغي أن ينشر أصابعه، ويجعلها قريبة من طرف الركبة، بحيث تسامت رؤوسها الركبة، وهل يفرج بين أصابع اليسرى أو يضمها؟ الذي ذكره في الكتاب أنه يفرج تفريجًا مقتصدًا، وهذا هو الأشهر، ألا تراهم قالوا: لا يؤمر بضم الأصابع مع نشرها إلا في السجود على ما قدمناه، وحكى الكرخي وغيره من أصحاب الشيخ أبي حامد أنه يضم بعضها إلى بعض حتى الإبهام؛ ليتوجه جميعها إلى القبلة، وهكذا ذكر القاضي الروياني، فليكن قوله: (مع التفريج) معلماً بالواو، وأما كونه مقتصدًا فليس من خاصية هذا الموضع، بل لا يؤمر بالتفريج المتفاحش في موضع ما.

وأما اليد اليمنى فيضعها على طرف الركبة اليمنى كما ذكرنا في اليسرى، وهو المراد من قوله: (فيضعها كذلك) ولكن لا ينشر جميع أصابعه، بل يقبض الخنصر والبنصر ويرسل المسبحة، وفيما يفعل بالإبهام والوسطى، وثلاثة أقاويل:

أحدها: "أَنَّهُ يَقْبِضُ الْوُسْطَى مَعَ الخنْصر والْبنْصَرِ وَيُرْسِلُ الإبْهَامَ مَعَ المُسَبِّحَةِ، لِمَا روي أَنَّ أَبَا حُمَيْدٍ السَّاعِدِي، وَصَفَ صَلاَة رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فَذَكَرَ، أَنَّهُ كَانَ يَفْعَلُ هكَذَا" (١).

والثاني: "أَنَّهُ يُحَلِّقُ بَيْنَ الإبْهَام وَالْوُسْطَى، لِمَا رُوِيَ عَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- فَعَلَ هكَذَا" (٢). وفي كيفية التحليق وجهان:

أحدهما: أنه يضع أنملة الوسطى بين عقدتي الإِبهام.

وأصحهما: أنه يحلِّق بينهما برأسيهما.

والقول الثالث، وهو الأصحّ: أنه يقصهما لما روي عن ابن عمر -رضي الله عنهما-، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- "كَانَ إذَا جَلَسَ فِي الصَّلاَةِ وَضَعَ كَفَّهُ الْيُمْنَى عَلَى فَخِذِهِ الْيُمْنَى، وَقَبَضَ أَصَابِعَهُ كُلَّهَا وَأَشَارَ بِالْأُصْبَعِ الَّتِي تَلِي الإبْهَامَ" (٣).

وفي كيفية وضع الإبهام على هذا القول وجهان:

أحدهما: أنه يضعهما على أصبعه الوسطى، كأنه عاقد ثلاثة وعشرين، لما روي عن ابن الزبير -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- "كَانَ يَضَعُ إِبْهَامَهُ عِنْدَ الْوُسْطَى" (٤).

وأظهرهما: أنه يضعها بجنب المسبحة كأنه عاقد ثلاثة وخمسين، لما روي عن


(١) قال الحافظ: لا أصل له في حديث أبي حميد، ويغني عنه حديث ابن عمر عند مسلم ووضع يده اليمنى على ركبته اليمنى وعقد ثلاثاً وخمسين. انظر التلخيص (١/ ٢٦١).
(٢) أخرجه أبو داود (٩٥٧) وابن ماجة (٩٢٢) والنسائي (٢/ ١٢٦)، والدارقطني (١/ ٢٩٠) والبيهقي (١/ ١٣١)، وابن حبان (١٨٥١) وصححه.
(٣) أخرجه مسلم (٥٨٠).
(٤) أخرجه مسلم (٥٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>