للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النُّزُولُ به من (١) دَرَجَةٍ إلى دَرَجَةٍ على ما مَرَّ في الكتاب.

وأما المُوجِبُ فَيَتَعَلَّقُ النَّظَرُ فيه بثلاثة أمور:

أحدها: القَتْلُ، وفيه مسائل:

إحداها: القَتْلُ العَمْدُ، وشِبْهُ العَمْدِ يُوجِبَانِ الكَفَّارَةَ كَالخَطَأِ.

وقال أبو حَنِيْفَةَ ومالك: لا كَفَّارَةَ في العَمْدِ، واختاره ابن المُنْذِرِ.

وعن أحمد روايتان كالمَذْهَبَيْنِ (٢).


= فإن الأصل متحقق فيه، فلا يعدل عنه إلى غيره.
وقالت الحنفية يكمل الأول من الثاني، والثاني من الثالث حتى يتم العدد سين يومًا ولهم قول كالأول ووجهتهم أنه لما فات اعتبار الشهر الأول بالهلال لوجود الصم في أثنائه فات اعتبار الشهر الثاني كذلك، فيكمل الأول من الثاني فلم يبق إلا أن يرجح إلى التقدير بالعدد وذلك مقولة يومًا. وبالنظر في وجهة كل نجد أن الراجح مذهب غير الحنفية؛ لأن الشارع أمرنا بصيام شهرين. والشهور إذا أطلقت في لسان الشرع تنصرف إلى الهلالية فقط، فالواجب حينئذ في الكفَّارة صيام شهرين هلاليين فإذا تعذر اعتبار الهلال في أحد الشهرين احتجنا لتكميله ثلاثين من الثالث. ولا يقتضي هذا إلغاء الهلال في الشهر الثاني لأنه خروج عما اعتبره الشارع بدون مقتض.
(١) في ز: في.
(٢) بعد اتفاق الفقهاء على وجوب الكفَّارة في قتل الخطأ اختلفوا في وجوبها في غيره، كالعمد، وشبه العمد عند من يقول به.
فالإمام مالك، وأهل الظاهر يرون أن الكفَّارة لا تجب في العمد، ولا في شبه العمد.
ويرى المالكية: أن على القاتل عمدًا إذا عفى عنه أن يكفر بما يكفر به القاتل خطأ على سبيل الندب، لا على سبيل الوجوب، ويُجْلَدُ مائَةً، ويغرب سنة ويرى الحنفية: أن الكفَّارة تجب في شبه العمد دون العمد.
ويرى الشافعية: أنها تجب في كل قتل سواء كان خطأ أم عمدًا، أم شبه عمد، وهو رواية عن الإِمام أحمد.
استدل المالكية، ومن وافقهم بالآيتين السابقتين، ووجه الدلالة منهما أن الله سبحانه وتعالى قد ذكر فيهما ما يترتب على كل منهما، وما ذكره بجانب كل هو تمام ما وجب فيه، ولم يذكر بجانب قتل العمد كفارة، فعلم من ذلك أنها غير واجبة فيه، ولم يثبت من طريق صحيح ما يفيد وجوبها في غير الخطأ، فكان القول بالوجوب قولًا بلا دَليلٍ.
ونوقش هذا الدليل بأن الله -تعالى- لم يذكر بجانب قتل العمد جلد مائة للقاتل ولا تقريب سنة، ومع ذلك فالمستدل بالدليل السابق كالمالكية يوجبونها على القاتل عمدًا إذا عفى عنه، فمن أين أخذوا ذلك؟
أليس ذلك ثابتًا عندهم بطريق القياس على الزَّانِي، فكان الأجدر بهم أن يقيسوا القتل عمدًا على القتل خطأً؛ لأن جنس القتل بجمعهما.
واستدل الحنفية على عدم وجوبها في العمد بالآية السابقة، وعلى وجوبها في شبه العمد بقوله =

<<  <  ج: ص:  >  >>