للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحكى القاضي أبو حامد: أن في المسألة وجهاً آخر: أن القاضي يسقط؛ وإذا كان كذلك؛ فلا يبطل بالصوم، والله أعلم.

قال: وإن نذر اعتكاف مدة متتابعة، فخرج – أي: من المعتكف – لما لابد [له] منه: كالأكل والشرب، وقضاء [حاجة الإنسان]، والحيض، والمرض، وقضاء العدة، وأداء شهادةٍ تعينت عليه- لم يبطل اعتكافه؛ لأن الخروج لبعض هذه الأشياء مستثني بالشرع، والبعض مستثنى بالعرف؛ فلم يبطل؛ كالمستثنى باللفظ.

قال الغزالي: وأعلى ذلك الخروج لقضاء حاجة الإنسان؛ فإنه لتكرره مستثنى بحكم الجبله، وقد استدل له بعضهم بما رواه البخاري ومسلم وغيرهما عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم [إذا اعتكف] يدني إلى رأسه، فأرجله، وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان". انتهى.

قال: وما عداه مقس عليه. وفيه نظر؛ لأن الكلام في الاعتكاف المنذور فيه التتابع، واعتكافه –عليه السلام – لم يكن كذلك، بل لم يكن منذوراً؛ فكيف يحسن التمسك بفعله فيه؟ نعم قد يقال في جوابه: إنه – عليه السلام – كان إذا فعل شيئاً داوم عليه، وقد كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان؛ فصار ذلك كالمنذور في حق غيره؛ ولذلك لما لم يعتكف فيه في سنة، قضاه في شوال.

وقد انتظم كلام الشيخ صوراً لا تخلو واحدة منها عن خلاف: إما في الأصل، أو باعتبار الوصف، وليقع الكلام في ذلك بعد بيان ما المراد بالخروج؟ وإلى أين؟

فالمارد بالخروج: أن يخرج بكل البدن عن كل المسجد إلى منزله فيما عدا أداء الشهادة- وما في معناه مما سنذكره – فإنه يكون إلى مجلس القاضي.

واحترزنا بالخروج بكل البدن عن إخراج بعضه منه وباقيه فيه؛ فإنه لا يبطل وإن كان لغير ما ذكرناه، ويدل عليه الخبر.

<<  <  ج: ص:  >  >>