للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبقولنا: "عن كل المسجد"، عما إذا صعد المنارة للأذان وغيره، وسيأتي الكلام فيه.

فالأولى- الخروج للأكل:

والمشهور فيه، وهو الأظهر عند الأكثرين: ما ذكره الشيخ، ولم يحك أبو الطيب غيره، وعزاه البندنيجي وغيره إلى أبي إسحاق المروزي والروياني إلى نصه في "الإملاء" وفي عبارته في "المختصر" ما يدل عليه.

ووجهه الأصحاب بأن فعله في المسجد يناقض المروءة، وقد يختار أن يخفي جنس قوته، وقد يكون في المسجد غيره فيشق عليه الأكل دونه، وإن أكل معه لم يكفهما.

وعن ابن سريج وأبي الطيب بن سلمة: أن الخروج لأجل الأكل مبطل، وهو الذي صححه القاضي الحسين في موضع من "تعليقه"، ورآه الإمام والبغوي أظهر؛ لأنه يمكنه الأكل في المسجد، وقد قال الشافعي: وينصب المعتكف المائدة، ويأكل، وأما قولهم: إنه يحتشم من الأكل في المسجد، فقد يحتشم من النوم بين يدي الناس كما في الأكل، ولا يجوز الخروج له.

وحكى القاضي في موضع آخر في ضمن فرع: أنه إن كان سخياً، و [كان] في طعامه سعة، أكل فيا لمسجد ووضع المائدة يهن وإن كان بخيلاً، أو في طعامه قلة، فله أن يعود إلى داره؛ لأن أكله في المسجد سخف ودناءة.

وكما منع ابن سريج وابن سلمة الخروج للأكل منعاه من أن يقيم لأجله وقد خرج لقضاء حاجته. نعم: لو أكل لقمة أو لقمتين، فلا بأس، وعلى هذه الحالة حملا قول الشافعي: "ويخرج المعتكف للغائط والبول إلى منزله وإن بعد فإن أكل فيه فلا بأس".

قال القاضي الحسين: وهذا ما قاله أصحابنا، ولم يحك في الإبانة غيره، وهو قضية كلام "الوسيط" وقال الماوردي: إنه غلط.

ثم حيث قلنا: لا يخرج للأكل، أو قلنا: يخرج له، فاختار الأكل في المسجد – كان

<<  <  ج: ص:  >  >>