للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنا لا نتحقق بذلك أكل جميع ما اشتراه زيد؛ وكذلك على الوجه الثاني، وهذا ما حكاه الماوردي عن ابن أبي هريرة.

وقد حكيت في هذه المسألة من قبل وجهاً عن رواية الماوردي: أنه لا يحنث بأكله، فعلى هذا: لا يجيء الوجه الأول والثاني، وإنما يحنث بأكل الجميع، وقد تحصَّلَ بذلك في المسألة خمس مقالات.

فائدة: تقدم فيما إذا حلف: لا يأكل سمناً، فأكله مع الخبز - أنه لا يحنث عند الإصطخري، وقاسه على ما إذا حلف: لا يأكل ما اشتراه زيد، فأكل ما شاتراه زيد وعمرو؛ فكيف يحسن منه الحكم بالحنث عند أكله أكثر من النصف في مسألتنا؟! وفي ذلك مخالفة لما ذكره ثَمَّ من وجهين:

أحدهما: أنه لم يحنثه في مسألة السمن؛ لأجل أنه لم يأكله منفرداً، ومقتضاه: ألا يحنثه هاهنا؛ للاشتراك.

الثاني: أنه جعل هذه المسألة أصلاً لما ذكره في مسألة السمن، وخالف فيه.

ويمكن أن يجاب عن الثاني على مقتضى هذا النقل: بأن ما قاله ثَمَّ محمول على ما إذا اشتريا على الإشاعة، ولم ينقل عن الإصطخري فيها خلاف، لكن إلحاق مسألة السمن بالمسألة الثانية أشبه؛ من حيث إن السمن متميز عن الخبز، كما أن ما اشتراه زيد متميز عما اشتراه عمرو في نفس الأمر؛ فالقياس عليها أمَسُّ، والذي يظهر أن يكون الصحيح في النقل عن الإصطخري في هذه المسألة ما حكاه الماوردي عنه: أنه لا يحنث وإن أكل الجميع؛ لموافقة ما ذكره ثَمَّ، وقد نسب ما نسب إلى الإصطخري إلى أبي إسحاق، ولم يحك القول الذاهب إلى أنه: إن أكل حبة أو كفًّا، وحكى بدله ما حكيناه عن البصريين، ثم قال: ويشبه أن يكون قول أبي علي بن أبي هريرة، والله أعلم.

فرع: لو اشترى زيد طعاماً، ثم باع بعضه وخلط؛ فأكل منه - حنث، وكذا لو باع بعضه مشاعاً، فأكل منه.

قال: وإن حلف: لا يدخل [هذه] الدار، فدخلها ناسياً، أي: لليمين، أو جاهلاً، أي: بأنها المحلوف عليها - ففيه قولان:

<<  <  ج: ص:  >  >>