للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنهم من قال: لا تتعلق بالرقبة، وإن قلنا: إن يمين الرد مع النكول كالبينة، وهو الذي اقتضى إيراد الغزالي ترجيحه؛ لأن جعلنا إياها كالبينة في حق المتداعيين، لا في حق غيرهما.

وهذان الطريقان يشابهان الطريقين اللذين حكيناهما في باب العاقلة فيما إذا ادعى على الجاني قتل الخطأ، فأنكر، وحلف المدعي- في أن العاقلة هل تحمل العقل أم لا؟ والذي أورده القاضي الحسين في باب موضع اليمين: أنها لا تسمع على العبد بحال، وأنما تسمع على السيد، وهو الذي أورده القاضي أبو الطيب في باب دعوى الدم.

وقال الرافعي: إن البغوي قال في مداينة العبيد: إن كان للمدعي بينة، سمعت الدعوى على العبد. وهو قياس ما حكيناه [عنه] عند وجود اللوث.

وإن لم يكن ثم بينة، فإن جعلنا النكول ورد اليمين كالبينة، سمعت- أيضاً- فلعله ينكل، فيحلف المدعي. وإن قلنا: إنها كالإقرار، فلا تسمع.

وغير البغوي بني سماع الدعوى عليه على أن أرش الجناية هل يتعلق بذمة العبد مع رقبته؟ إن قلنا: لا؛ فلا تسمع؛ وإن قلنا: نعم؛ فلا طلبة ولا إلزام في الحال، وإنما هو شيء يتوقع من بعد؛ فيكون كالدين المؤجل، وسنذكر في سماع الدعوى بالدين المؤجل خلافه، والأصح: عدم السماع، فإن سمعناها، فله تحليف العبد، فإن نكل وحلف المدعي اليمين المردودة تعلق بذمته، وهل يتعلق بالرقبة؟ فيه الطريقان [السابقان].

قال الرافعي: وفيما ذكره البغوي من السماع حالة وجود البينة نظر؛ لأن ظاهر كلامه يقتضي تعلق الأرش بالرقبة بإقامة البينة في وجه العبد، لكن الرقبة للسيد، فينبغي أن تقام البنية في وجهه أو وجه نائبه، والمتوجه أن يقال: لا تسمع الدعوى عليه، ولا البينة إن قصرنا التعلق بالرقبة، وتسمع البينة إن أثبتنا الأرش في ذمته؛ تفريعاً على الأصلين المذكورين.

<<  <  ج: ص:  >  >>