للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: وقضية ما ذكره في منع سماع البينة عند التعلق بالرقبة؛ لأجل تعلق حق السيد بها- أن يقال بمثله في عدم سماع البينة على السفيه بجناية الخطأ، وكذا على الرشيد؛ لأجل تعلق ذلك بالعاقلة؛ إذا قلنا: إن العاقلة يحملون ذلك ابتداء، دون ما إذا قلنا: إنه يتعلق بالجاني ثم تتحمله العاقلة، وقد ادعى الوفاق على السماع، وذلك يبطل ما ذكره هاهنا؛ على أنه قد يمكن أن يفرق بينهما.

قال: ولا تصح دعوى مجهول إلا في الوصية؛ لأن الدعوى مقابلة بالتمليك، والتمليك بالوصية لا تنافيه الجهالة؛ فالدعوى بها لا تنافيها الجهالة؛ كذا قاله القاضي الحسين.

وأيضاً: فإنا لو لم نصحح دعواه بها مع الجهالة، لأدى ذلك في الغالب إلى ضياع حقه؛ فإن الدعوى إنما تكون عند منازعة الورثة له، وفي هذه الحالة يبعد اطلاعه عليها.

وقد وجهه الشيخ أبو عي بأنه يمكن إثبات ذلك بالبينة، وكل ما أمكن إثباته بالبينة، سمعت الدعوى به.

قال ابن أبي الدم- رحمه الله-: وهذا يبطل بدعوى الإقرار المجرد؛ فإن إقامة البينة به صحيحة بلا [خلاف].

والأصح: أنه لا تسمع الدعوى به.

وما ذكره الشيخ هو ما أورده الجمهور، ومنهم القاضي الحسين في موضعين من باب: "ما على القاضي في الخصوم"، ونسبه في كتاب الإقرار إلى قول أصحابنا كلهم، وقال في كتاب الإقرار: والذي عندي أن الدعوى بالوصية مجهول لا تسمع؛ لأنه يمكنه تفسير دعواها، ويدعي على الورثة أن مورثهم أوصى له [هو] بمال، وأراد به كذا، أو يعلم هو أنه أراد به كذا، فإن أنكر حلف، [فإن نكل، حلف] المدعي على ما ادعاه مفسراً من المال، واستحق دعواه.

قال الإمام: والوجه عندنا ما قاله الأصحاب؛ لما ذكرناه.

<<  <  ج: ص:  >  >>