للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المدعي أو وكيله؛ ليذهب به إلى القاضي الكاتب؛ ليشهد الشهود على عينه، اللهم إلا أن يكون المدعى أمة؛ فلا تسلم إليه وإن كان ثقة؛ لأنه قد يواقعها؛ لزعمه أنها ملكه، بل يعد لها أميناً من أهل الرفعة؛ كما حكاه الماوردي عن الإصطخري، وقال في "البحر": إنه اختيار القفال.

وفي "الإبانة" وغيرها وجه: أنه يسلمها إليه؛ كالغلام.

ثم إن ثبت أن المدعى له سلمه إليه، وكتب إلى ذلك القاضي حتى يبرئ كفيله؛ وإن لم يثبت المدعى [به للمدعي]، رده إلى بلد المدعى عليه، وكانت مؤنة [النقل والرد] على المدعي، وكذا أجرة مثل تلك المدة إن كانت له منفعة؛ كما قاله البغوي والقاضي أبو الطيب والبندنيجي وابن الصباغ، وصرحوا بأنه من ضمانه.

قال البندنيجي: ولا يزول الضمان حتى يرده إلى من قبضه منه.

وعن كتاب "الفروق" للشيخ أبي محمد: أن الشهود إذا شهدوا على عينه، ختم عليه خاتماً ثانياً، ويكتب: "إني حكمت به لفلان"، ويسلمه إلى المكتوب إليه حتى يرده إلى القاضي الثاني؛ فيقرأ الكتاب، ويطلق الكفيل، ويسلم العين إلى المدعي.

وقد حكى الفوراني بدل القول الأول: أنه يسلم الشيء المدعى إلى المدعي، ويأخذ القيمة، ويدفعها للمدعى عليه؛ للحيلولة بينه وبين ما يزعم: أنه ملكه، وهذا قريب من قول أبي الحسن العبادي: أنه إذا سلم العين إلى المدعي، كفله قيمة المال، ثم هذه القيمة مستردة، سواء ثبت أن الملك للمدعي أو لم يثبت: أما إذا ثبت فظاهر، وأما إذا لم يثبت؛ فلأنا أخذناها للحيلولة، فإذا ارتد المال إلى المدعي؛ فلا بد من رد القيمة.

قال الإمام: وما ذكرناه من أخذ الكفيل بالثمن على القول الأول واجب مذهباً واحداً، وما ذكرناه من الختم وأخذ الكفيل على القول الثاني احتياط في الواقعة، فلو تركه القاضي المكتوب إليه؛ فترتيب القضاء ونظمه لا يختلف، ولكن اختلف الأئمة في أن المكتوب إليه هل يكون تاركاً احتياطاً مأموراً به من غير إيجاب؟

<<  <  ج: ص:  >  >>