للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي "النهاية" في كتاب القاضي [إلى القاضي] فيما إذا لم يقل: إني طالب؛ فيطالب، وقال: يلزمه أداء ما ادعيته عليه- إبداء تردد في الاكتفاء به؛ لأن الفقيه قد يقول: من عليه دين حال يلزمه أداؤه، وإن لم يطالبه صاحبه، وإنما يسقط وجوب الأداء برضا مستحق الحق بتأخيره؛ فلا يكون قوله: يلزمه أداؤه، متضمناً للطلب؛ فيلزمه التصريح به، وقال: إن هذا محتمل جداً.

والذي قاله الأصحاب: أنه لا يحتاج، وهل يشترط أن يقول: راسل القاضي سؤاله عن ذلك؟ فيه خلاف سبق في باب صفة القضاء، لكن كلام الشيخ ثم يقتضي أن الدعوى تصح بدونه على كلا الوجهين.

وكذا هل يشترط في الدعوى بالعين أن يقول: "وهي في يده"؟ فيه وجهان، حكاهما في "الإشراف"، وغيره، والأصح: أنه لا يشترط [ذلك]؛ لأن طلب التسليم يغني عنه.

وما ذكرناه هو الصحيح، ووراءه شيء نذكره في ضمن فروع:

الأول منها: الدعوى بالدين المؤجل هل تسمع؟ فيها ثلاثة أوجه:

أصحها عند الإمام- كما قال ابن أبي الدم، وعند القاضي أبي سعد، وبه أجاب القفال في "الفتاوى"، وصاحب "الحاوي"-: المنع؛ لأنه لا يتعلق بها إلزام في الحال ومطالبة؛ وهذا ما ذكرناه من قبل، وقد حكاه الغزالي في كتاب "التدبير" عن النص.

والثاني: تسمع؛ لتثبت في الحال، ويطالب في الاستقبال، وقد يموت من عليه فتتعجل المطالبة؛ وبهذا أجاب بعض أصحاب الإمام.

والثالث: إن كانت له بينة، سمعت الدعوى؛ لتسجل؛ فيأمن من غيبتها وموتها؛ وإن لم تكن فلا تسمع.

قلت: ويحتمل أن يكون القائل بهذا الوجه هو القائل بأن مراد الشافعي من قوله في كتاب الأقضية للمدعي: "إن شئت فأت بصحيفة فيها شهادة شاهديك، وكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>