للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خصومتك، وإلا اقبل أن يشهد لك الشاهد بالكتاب فأنسأ شهادته": إذا كان لرجل على رجل دين مؤجل يشهد به شاهدان مريدان للسفر، فجاء صاحب الحق إلى الحاكم، فطالبه أن يسمع شهادة الشاهدين؛ لأنه لا يأمن جحوده في غيبة الشهود؛ فيثبت عنده، ويطالبه به إذا حل؛ فيقول له: لا أسمع شهادة شاهديك إلا أن تكون شهادتهم في كتاب فيه خطهما، وأعلم على شهادتهما.

وإذا كان هذا قول هذا القائل، كان هذا الوجه مذكوراً في طريقة العراق أيضاً؛ لأن القاضي أبا الطيب وابن الصباغ ذكرا هذا التفسير عن بعض أصحابهم، وقالا: إن معنى قول الشافعي: "وأنسأ شهادته أي: أؤخر شهادته إذا لم يأت بكتاب.

وقيل: أنسى، بمعنى: النسيان، وهو عند أكثر الأصحاب [أصح].

وهذا إذا كان جميع الدين مؤجلاً، فلو كان بعضه حالاً، وبعضه مؤجلاً- قال في "الحاوي": سمعت الدعوى في الجميع؛ لاستحقاق المطالبة ببعضه، ويكون المؤجل تبعاً.

قال: وكذلك لو كان المؤجل في عقد، وقصد بدعواه تصحيح العقد: كالسلم المؤجل- تصح الدعوى به؛ لأن المقصود منه يستحق في الحال.

قال ابن أبي الدم: ويلزم على هذا أن يقال: إذا كان الدين مؤجلاً بعقد بيع، تسمع الدعوى به؛ وهكذا في نظيره من الإجارة؛ لأنه يبغي تصحيح العقد بالدعوى، ولو صح هذا قولاً واحداً، لارتفع الخلاف في الدين المؤجل؛ لأن الدين لا يثبت مؤجلاً في الذمم قط إلا ببيع، أو إجارة، أو سلم، أو نكاح. أما القروض وقيم المتلفات، وما يجب من ضمان الحيلولة في الغصوب لا يجب إلا حالاً، ودية قتل الخطأ- وإن ثبتت مؤجلة- فلا توصف قبل الحلول بالدية.

الفرع الثاني: من اعترف بإعسار إنسان، وأراد أن يدعي عليه ديناً ليثبته على توقع مطالبته به إذا أفاد مالاً- ففي سماع الدعوى عليه خلاف مرتب على الدعوى بالدين المؤجل، وهذه الصورة أولى بألا تقبل الدعوى فيها؛ فإن زوال الإعسار لا منتهى له بضبط.

<<  <  ج: ص:  >  >>