للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الإمام وابن الصباغ: إنه ينقدح تحليفها.

وإن قلنا: لو أقرت لا تغرم إذا فرعنا على القديم، وحكمنا بأن نكاح الأول ينتفي، ويثبت [نكاح] الثاني إذا نكلت، وحلف الثاني- فإنا نبغي بالتحليف فائدة ثبوت النكاح في حق الثاني إذا كان ممكناً، وهو أظهر في الفائدة من تقدير غرم؛ فكأن إقرارها الأول لا يستقر ما لم يحلف الثاني؛ وهذا ما حكاه الغزالي عن القديم، ثم قال: وهو بعيد؛ إذ نكولها كيف يرد إقرارها ويزاحمه؟

وقد صرح القاضي الحسين بما يقرب من ذلك في باب الدعوى على كتاب أبي حنيفة، حيث قال: إذا قلنا: لو أقرت لم تغرم، انبنى تحليفها على أن النكول ورد اليمين بمنزلة الإقرار أو بمنزلة البينة؟ إن قلنا: بمنزلة الإقرار، لم تحلف، وإن قلنا: بمنزلة البينة، تحلف. لكنه قال: إنها إذا عرضت عليها اليمين على هذا، فنكلت- يحلف المدعي، وينفسخ نكاح الأول، ولا تصير زوجة للثاني؛ لأن المرأة لا تتحول من شخص إلى شخص؛ فلا تقبل نقل الملك، بخلاف الأعيان.

وأبعد منه ما حكاه الإمام هنا حيث قال: إذا ادعى على امرأة يحسبها خلية نكاحاً، وأنكرت، ورددنا اليمين على الخصم، فحلف، وسلمناها له، فجاء مدع وادعى نكاحها، وأقام [على ذلك] شاهدين عدلين- فقد قال الشيخ في "الشرح": إن قلنا: يمين الرد كالبينة، كان سبيلها كسبيل بينتين تعارضتا: فإن حكمنا بالتساقط فهما على مجرد الدعوى منهما، وإن حكمنا بالاستعمال فلا يجيء هنا إلا القرعة؛ وهذا على نهاية البعد؛ فإن فيه تقديم قول المدعي ويمينه على شهادة شاهدين عدلين يقيمهما آخر، وهذا لا يحتمل.

قلت: وما ذكرناه من التفاريع يظهر مجيئه في غير نكاح.

فرع: إذا قلنا: يسترد المدعى من المقر له عند حلف المدعي بعد نكول المدعى عليه؛ تفريعاً على قولنا: إن يمين الرد كالبينة- فهل يغرم المقر للمقر له القيمة؛ بناء

<<  <  ج: ص:  >  >>