للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على أن الحيلولة القولية توجب الغرم؟ فيه وجهان:

أصحهما في "النهاية" هنا: [لا]؛ لأنه يقول: لا يلزمني أن أحلف لك، وعلي ألا أقر لغيرك إذا رأيتك مستحقاً.

والثاني: يلزمه الغرم؛ فإن الدار انتزعت منه بسبب نكوله، والسبب يوجب الضمان كالمباشرة.

وحكى في كتاب الإقرار في المسألة طريقين:

أحدهما: القطع بأنه لا يغرم له شيئاً.

والثاني: إجراء قولين في الغرم؛ كما إذا أقر بعين لفلان، ثم أقر بها لآخر.

وهذا خبط عظيم، وتخليط مجاوز للحد.

قال: وإن كذبه المقر له، أخذه الحاكم، وحفظه إلى أن يجيء صاحبه؛ لأن من في يده ذلك قد اعترف بأنه ليس له، والذي أقر له به قد رده، فأخذه الحاكم حتى يثبت مستحقه؛ فيسلمه إليه؛ كالمال الضال؛ وهذا قول ابن سريج، وهو الأصح عند المتولي وابن أبي الدم، والمختار في "المرشد".

وقيل: يسلم [إلى المدعي] – أي: بيمينه- لأن صاحب اليد لا يدعيه، والمقر له ينكره؛ فلم يكن للمدعي منازع فيه؛ فوجب تسليمه إليه؛ وهذا محكي عن أبي إسحاق؛ وهذا أضعف الوجوه، لأن تسليم ذلك إليه من غير بينة، ولا إقرار، ولا ظاهر يد- محال؛ وهذا التعليل الذي ذكر في توجيه قول أبي إسحاق ظاهر فيما إذا كان المنازع واحداً، أما إذا كان المنازع اثنين- مكا اقتضاه كلام الشيخ من أول المسألة- فيظهر أن يقال على هذا الوجه: يكون بينهما، وتبقى الخصومة بينهما، ويؤيد ذلك أن الماوردي قال تفريعاً على هذا الوجه: لو كان المنازع واحداً، وحضر مدع له بعد التسليم إلى الأول بيمينه، ونازعه فيه، هل يكون منازعاً فيها لذي يد، أو لغير ذي يد؟ فيه وجهان:

أحدهما: يكون منازعاً لذي يد؛ لتقدم الحكم بها، فصارت يداً؛ فيكون القول قوله فيه مع يمينه.

<<  <  ج: ص:  >  >>