للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: يكون منازعاً لغير ذي يد؛ لأنه دفع إليه بيمين من غير يد؛ فيحلفان، ويكون بينهما؛ كالمتداعيين لما ليس في أيديهما.

وفي "الشامل"، و"تعليق" البندنيجي في أصل المسألة وجه ثالث: أنه يقال للمقر: من أقررت له قد رد إقرارك؛ فإما أن تدعيه لنفسك؛ فتكون الخصم فيه، أو تقر به لمن يصدقك؛ فيكون الخصم، وإذا لم تفعل ذلك جعلناك ناكلاً، وحلفنا المدعي، وسلمناه إليه. وهذا معنى قول الغزالي هنا والمصنف في باب الإقرار، وغيرهما: إنه يقر في يد صاحب اليد؛ لأن إقراره قد بطل بالرد؛ فصار كأنه لم يقر؛ فتأمله.

وقد صحح القاضي الحسين هذا الوجه، وقال: إنه طريقة القفال.

وقال الإمام في كتاب الإقرار: إنه الذي ذهب إليه الأكثرون.

وسأذكر بعد ذلك عن البندنيجي وغيره ما يقتضي: أنه الصحيح، وسنذكر في الإقرار وجهاً آخر: أنه يجبر المقر له على أخذه؛ لأنه ثبت الملك له بالإقرار ظاهراً، والإنكار لا يسقط الحق، وقد حكاه ابن يونس هاهنا.

قلت: وهو يتركب من أمور:

أحدها: أن المقر لا يغرم لو رجع [عن إقراره.

والثاني: أن العين تنزع من يد المقر، ولا يسمع إقراره بها.

والثالث: لو رجع] المقر له وادعاها لسلمت له- كما سنذكره- لأنه إذا فرع على ذلك، انسد على المدعي باب الوصول إلى حقه؛ فتعين فتحه بإجبار المقر له على أخذه.

وقد قاس القاضي أبو الطيب الوجه المعزي إلى اختيار القفال في كتاب الصلح، على ما إذا قال لرجل: [لك] عندي ألف درهم، فقال: ما لي عندك شيء- فإنه لا يصح هذا الإقرار، ولا يلزمه شيء؛ فكذلك هاهنا؛ وهذا من القاضي تفريع على الصحيح، وإلا فقد حكى الرافعي في كتاب الرهن: أن الإنسان لو أقر بأنه جنى على

<<  <  ج: ص:  >  >>