للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يقبل، حكم بحريته بالأصل.

وعلى هذا قال ابن الصباغ والقاضي أبو الطيب وغيرهما: فماذا يصنع به؟ فيه الأوجه الثلاثة التي ذكرناها في كتاب الصلح. وعنوا ما حكيناه من قبل، لكن من جملتها وجه: أنه يسلم للمدعي، وقضية ذلك: أن يسلم في هذه الصورة لمن أقر له العبد بالرق فرد إقراره؛ إذا كان يدعيه؛ وهذه الأوجه يمكن أن يقال بمثلها فيما نحن فيه- أيضاً- والله أعلم.

قال: وإن أقر به لغائب- أي: معروف- انتقلت الخصومة إليه؛ لأن من في يده العين نفى أن تكون مملوكة له؛ فلا خصومة بين المدعي وبينه؛ وهذا ما أجاب به أكثرهم، ونسبه الإمام إلى العراقيين، وقال: إنه القياس الذي لا يجوز غيره.

وقيل: لا تنقطع الخصومة بالإضافة إلى الغائب؛ لأن فتح ذلك يؤدي إلى الإضرار بالمدعين؛ فإنه لا يعجز كل مدعي عليه عن دفع الخصومة عنه بإضافة العين إلى غائب لا يرجى وصوله؛ وهذا ما حكاه الإمام عن شيخه وبعض المصنفين، ولم يورد البغوي وصاحب "الرقم" سواه، قال الرافعي: وهو ظاهر لفظ "المختصر".

ولا فرق في جريان الخلاف- كما أطلقه الجمهور- بين أن يكون صاحب اليد قد أسند يده إلى إجارة، أو إعارة، أو وديعة، أو اقتصر على قوله: ليس لي، وإنما هو لفلان.

وعن أبي عاصم العبادي- كما حكاه في "الإشراف"، وغيره-: أن محل الخلاف إذا بين جهة اليد بما ذكرناه، أما إذا اقتصر على قوله: ليس لي، وإنما هو لفلان- لم تنتقل الخصومة إليه بحال.

التفريع:

إن قلنا بعدم انصرافها عن الحاضر بمجرد إقراره، فللمدعي طلب يمين صاحب اليد: إنه لا يلزمه تسليمه إليه، فإن نكل حلف المدعي، وأخذ المال من يده، ثم إذا عاد الغائب، وصدق المقر، كانت العين مردودة إليه بلا حجة؛ لأن اليد له بإقرار صاحب اليد، والمدعي يستأنف الخصومة معه.

<<  <  ج: ص:  >  >>