للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمراوزة ذكروا الوجهين الآخرين في المسألة السابقة هاهنا – أيضاً- وجزم الأصحاب بعدم القضاء بالملك للغائب في حالة إسناد اليد إلى الوديعة، وفيه نظر؛ لأن الإمام في كتاب الوديعة حكى وجهين في أن المودع هل له حق المخاصمة إذا غصب الوديعة من يده أم لا؟ فإذا أثبتناه له يظهر أن يقال: إن الملك ثبت للغائب في هذه الصورة؛ كما لو كان من بيده العين وكيلاً عن الغائب، فإنه لا خلاف في الحكم للغائب بالملك، ولا يسلم للمدعي؛ كما صرح به الإمام وغيره.

وإذا صح ذلك انبنت مسألة المستأجر والمرتهن على الوديعة:

فإن قلنا: يثبت الملك للغائب بدعوى المودع، فثبوته بدعوى المستأجر والمرتهن أولى، وإلا ففيه الوجهان، والله أعلم.

قال البندنيجي وابن الصباغ وغيرهما: فإن قيل: إذا سلم الملك بالبينة للمدعي عند إقامة صاحب اليد البينة بالملك للغائب، فما فائدة سماع البينة بالملك للغائب؟

قلنا: فائدتها عدم وجوب اليمين على صاحب اليد، وانتفاء التهمة عنه- كما تقدم- وأن الحكم في هذه الحالة إذا وقع بالبينة يكون قضاء على الغائب جزماً حتى تتوجه اليمين على المدعي إذا طلب الحكم، وعلى التحليف نص في "الأم"؛ فيحلف: إن ما شهد شهوده به حق، ولم يخرج من ملكه بوجه من الوجوه؛ كما قاله في "البحر".

وما ذكره من عدم وجوب اليمين على صاحب اليد كلام الفوراني منازع فيه؛ فإنه قال: الصحيح: أنه يقضي على ذلك الغائب؛ فيحلف المدعي مع البينة، وقيل: يقضي على الحاضر؛ لأن الشيء في يده حتى لا يحلف المدعي، ثم إذا حضر الغائب، فإن أعاد البينة التي شهدت له في الغيبة، قضى له؛ لأنه صاحب اليد؛ وهذا مما لا خلاف فيه؛ كما قاله الإمام، وإن أجري خلاف فيما إذا ادعى على شخص حاضر بدار، وأقام بينة، وقضى له بالبينة، وأزيلت يد المدعي عليه، ثم وجد بينة- في أن الدار هل ترد إلى يده ونقدره صاحب يد أو لا؟ والفرق: أن الغائب معذور؛ لغيبته، بخلاف الحاضر.

ومثل هذا ما ذكرناه فيما إذا حضر الغائب، وأقام بينة على جرح الشهود وقت

<<  <  ج: ص:  >  >>