للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولهم فيما إذا انتزعت العين من شخص بالبينة، وعاد، وادعى ملكها- هل تسمع دعواه من غير ذكر تلقي الملك من صاحب اليد، أم تكفيه دعوى الملك مطلقاً؟ وجهان:

وجه الأول: القياس على الأجنبي؛ فإنه لا خلاف أن دعواه تسمع مطلقة، وإذا أقام بينة مطلقة على الملك سمعت، وقضي له بها؛ [كما] قاله القاضي الحسين وغيره؛ وهذا ما حكاه الإمام عن الأكثرين.

ووجه الثاني- وهو ما ادعى الرافعي أن بعض أصحاب الإمام قال: إنه الذي ذكره الأكثرون-: القياس على ما لو انتزعت العين من يده بإقراره، فإنه يحتاج إلى ذكر التلقي؛ كما حكاه الرافعي، ولم يحك سواه، وإن كان ابن أبي الدم قد حكى عن القاضي الحسين: أنه يكفيه دعوى الملك مطلقاً، وأنه مخالف لجميع الأصحاب.

والقائلون بالأول فرقوا بين ما إذا انتزعت العين من يده بالإقرار، أو بالبينة- بأن المقر مؤاخذ بحكم قوله في نفسه في المستقبل؛ ألا ترى أن من أقر أمس يطالب به اليوم، ولولا ذلك لم يكن في الإقرار كثير فائدة.

وإذا كان كذلك فيستصحب ما أقر به إلى أن يثبت الانتقال، بخلاف البينة؛ فإنا لم تشهد إلا على الملك في الحال؛ فلم يتسلط أثرها على الاستقبال.

وقد مال الرافعي إلى تصحيح الوجه الأول، وقال: إنه الذي يقتضي كلام الأصحاب ترجيحه؛ لأنا قد حكينا عنهم فيما إذا أقام الداخل بينة بالملك بعد ما انتزعت العين بالبينة، هل تسمع بينته، وهل يقضى له بها؟ خلافاً، وأن الأصح السماع والقضاء.

وذلك الاختلاف مفروض فيما إذا أطلق دعوى الملك، ولم يذكر التلقي، فأما إذا ادعى التلقي؛ فلا بد أن تسمع دعواه، وقد صرح به أبو الحسن العبادي.

وإذا كان الاختلاف في إطلاق الدعوى، ورجحنا وجه السماع- لزم أن يكون الراجح هاهنا: أنه لا حاجة إلى ذكر التلقي.

<<  <  ج: ص:  >  >>