للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: وهذا التخريج فيه نظر؛ لأن محل السماع [ثم] إذا أسند الملك إلى ما قبل إزالة اليد، مكتفياً بالدعوى السالفة معتذراً لتأخير إقامة البينة عن محلها بغيبتها؛ فكأنه أقامها قبل الحكم عليه، ودافعاً لما شهدت به بينة الخارج من أصله؛ فلذلك ينقض الحكم على هذا الوجه، ونقدره كأن لم يكن، وليس كذلك هاهنا؛ لأن هذه دعوى مبتكرة، وبينة مستأنفة؛ فلا يحسن إلحاقها بتلك البينة، والله أعلم.

ولو أقام الداخل بينة بعد القضاء عليه، وقبل إزالة يده- فإن قلنا عند إزالة يده: تسمع بينته، فهاهنا أولى، وإلا فوجهان، والفرق: بقاء اليد [حسا؛] هكذا أورده الرافعي، وغيره.

وعكس القاضي الحسين في "التعليق" ذلك، فقال: إذا قضى القاضي بالملك للخارج، ولم تنزع العين من يد الداخل، فهل تسمع بينته إذ ذاك؟ فيه وجهان، أصحهما: أنها لا تسمع.

ولو أقام الداخل البينة بعد الحكم وزوال اليد، فإن قلنا في المسألة السابقة: لا تسمع، فهاهنا أولى، وإلا فوجهان.

وقد حكى القاضي أبو سعد الهروي عنه أنه قال: أشكلت علي هذه المسألة نيفاً وعشرين سنة؛ لما فيها من نقض الاجتهاد بالاجتهاد؛ فتردد جوابي فيها؛ فذكرت: أنه إن أزالها الحاكم بالتسليم، لم ينقض؛ وإن لم يزلها، فوجهان، ثم استقر رأيي على أنه لا ينقض، سواء كان قبل التسليم أو بعده.

فرع- حكاه البندنيجي والقاضي أبو الطيب وغيرهما-: إذا كان في يد عمرو شاة، فادعاها زيد، وأقام بينة: أن الشاة ملكه، وأقام عمرو بينة أن حاكماً حكم له بها، وسلمها إليه قال أبو العباس بن سريج: إن كان الحاكم قد حكم بها لعمرو ببينة أقامها عمرو، قضى لزيد بها؛ لأنه قد ظهر أن لزيد بينة ويداً، ولعمرو بينة بلا يد. وإن [كان] قضى بها لعمرو؛ لأن بينة زيد كانت غير عادلة [وبينة عمرو كانت عادلة]- أقرها في يد عمرو؛ لأن البينة الفاسقة إذا ردت، ثم أعادت الشهادة، لا تقبل. وإن كان قضى بها لعمرو؛ لأنه كان خارجياً، ومن مذهب الحاكم القضاء ببينة

<<  <  ج: ص:  >  >>