للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قد قبض المبيع، فأقر لأحدهما، للثاني تحليفه على تغريم الثمن؛ لأنه قد فات المبيع بإقراره، فهو كما لو غصبه أو غيبه.

وهذا منهما بناء على أن جناية البائع على المبيع قبل القبض كالآفة السماوية في انفساخ العقد، ولو نظرا إلى أنه كجناية الأجنبي، ولم يقولا بانفساخ العقد بمجرد الإتلاف، بل بثبوت الخيار- لقالا: إنه يثبت له الخيار، فإن فسخ كان له الثمن، وإلا فهل له طلب القيمة؟ ينبني [على] أن الحيلولة القولية التي لم ييأس معها [من] الرد، هل توجب الغرم؟ وفيه خلاف يأتي، ويدل على ذلك أن القاضي قال بعد ذلك: إذا لم يكن لهما بينة وادعيا عليه الدار- كما ذكرنا- فأقر لأحدهما، [فماذا يدعي عليه الآخر؟] ذلك ينبني على أصل، وهو أن جناية البائع على المبيع قبل القبض كآفة سماوية، أو كجناية أجنبي؟ إن قلنا: كآفة سماوية، فإنه يدعي عليه الثمن، وإن قلنا: كجناية أجنبي، انبنى على ما إذا قال: غصبت هذه الدار من زيد، لا بل من عمرو، هل يغرم القيمة أم لا؟

فإن قلنا: يغرم [ثم] فهاهنا يدعى عليه القيمة.

وإن قلنا: لا يغرم ثم انبنى على أن النكول ورد اليمين يكون كالإقرار أو كالبينة؟

وساق [مثل] ما حكيناه عنه من قبل.

وأما الماوردي فإنه قال فيما إذا اعترف لأحدهما، وطلب الآخر يمينه: إنه ينظر:

فإن كان قد سبق بالدعوى عليه قبل أن يصدق الآخر، كان له إحلافه؛ لأنه قد استحق اليمين بإنكاره قبل دعوى الآخر؛ فلم يسقط حقه منها بتصديقه لغيره.

وإن كانت دعواه بعد تصديق الآخر، فلا يمين عليه إن كانت قيمة الدار قدر ما بذله من الثمن، [وإن كانت أكثر من الثمن] فتحليفه ينبني على أنه لو عاد وصدقه، هل يغرم له الزائد من القيمة على الثمن [أم لا]؟ وفيه قولان: فإن قلنا: لا يغرم له، لم يحلف، وإلا حلف.

<<  <  ج: ص:  >  >>