للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسألة، وقال قبل ذلك: إن من أصحابنا من قال: لا يوقف البيع. وهو غفلة ظاهرة؛ فإن الوقف الذي نمنعه في العقد إنما هو [وقف] العقد على وجود شرط قد تخلف عنه، أما التوقف في الخصومات فلا يمنع فرضه في البيع.

والذي أورده الشيخ هو ما حكاه العراقيون: كأبي الطيب، والبندنيجي، وابن الصباغ، ولم يحك الفوراني سواه.

وقد حكى الربيع قولاً ثالثاً في أصل المسألة: أن تعارض البينتين يوجب إبطال العقدين؛ فيكون كل واحد من البيعين باطلاً: كالمتداعيين نكاح امرأة يقيم كل واحد منهما البينة على أنه تزوجها من ولي، ولم يعلم أي العقدين سبق؛ فإنه يبطل النكاحان بتعارضهما.

قال الماوردي: وقد أنكر أصحابنا هذا القول، ونسبوه إلى تخريج الربيع، ومنعوا من اعتباره بالنكاح؛ لأن نكاح المرأة لا يجوز أن يكون بين زوجين، وشراء الدار يجوز أن يكون بين مشتريين؛ فبطل النكاحان لامتناع الشركة، ولم يبطل البيعان مع جواز الشركة.

وهذا كله إذا كانت العين في يد البائع، وكان منكراً أو ساكتاً، فلو صدق أحد المشتريين، فهل يوجب تصديقه ترجيح من صدقه على الآخر؟ فيه وجهان في "الحاوي" وغيره:

أحدهما- وهو قول المزني، وابن سريج-: نعم؛ لأنه أصل ذو يد؛ فعلى هذا يرجع إلى بيانه في أي العقدين تقدم، ولا يرجع إلى بيانه: أيهما باع؛ لأنه قد ثبت عليه البيعان بالبينة، فإذا بين أحدهما بالتقدم كان له البيع.

وقد استدل لهذا الوجه بأن الشافعي قال في كتاب الرهن: إذا كان لرجلين على رجل دين، وادعى كل واحد منهما أنه رهن عنده هذه الدار قبل صاحبه، وأقام على ذلك بينة، فأقر الراهن لأحدهما- أن بينة المقر له أولى. كذلك في مسألتنا، ولا فرق بين الرهن والبائع.

[والوجه الثاني-] وهو قول أبي علي ابن خيران، وعامة أصحابنا؛ كما قال

<<  <  ج: ص:  >  >>