للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حكوا النصين فيها، وقالوا: لا فرق بين أن تشهد له باليد أمس، أو تشهد له بالملك أمس، ووراء ذلك أمران:

أحدهما: حكى الماوردي الطريقين في الشهادة باليد السابقة، واقتضى إيراده أن البنية إذا شهدت بالملك القديم، سمعت جزماً؛ فإنه قال في توجيه الحكم بالشهادة باليد السابقة: إن اليد دالة على الملك؛ فجرت مجراه، وقد ثبت أن المدعي لو أقام بينة على أن الدار كانت له بالأمس، حكم له بها؛ كذلك إذا أقام بينة أنها كانت في يده بالأمس.

وأشار عند الكلام فيما إذا شهدت البينة: إن هذه الجارية بنت أمته، إلى خلاف في الصورتين، لكن بالترتيب، فإنه قال: مذهب الشافعي المشهور: أنه لا يحكم له باليد إذا شهدوا له بيد متقدمة وإن حكم له بالملك إذا شهدوا له بالملك المتقدم على أحد القولين، وأن "البويطي" وابن سريج كانا يجمعان بين الشهادة بقديم الملك، وقديم اليد في الحكم بها على أحد القولين، وقد ذكرنا من فروق أصحابنا بين قديم الملك وقديم اليد ما يمنع الجمع بينهما، وكأنه يشير إلى أن اليد السابقة لا تدل على الملك إلا ظاهراً، ويجوز أن تكون على غير ملك؛ كما علل به الأصحاب ما حكي عن الشافعي في "الأم" حيث قال: إذا شهد شاهدان: [إن] هذه الدار لفلان منذ سنة، وشهد آخران: إنها في يد آخر منذ سنة- أن بينة الملك أولى من بينة اليد؛ لأن اليد تكون على ملك، وغير ملك، بخلاف الملك.

الأمر الثاني: ادعى الغزالي في "الوسيط"، و"الوجيز": أنه لا خلاف في أن البنية لو شهدت بأنه كان [في] يد المدعي بالأمس- قبل، وجعل المدعي صاحب اليد. ولعل ذلك محمول على ما إذا شهدت البينة بذلك، وأن المدعى عليه أخذها من يده؛ كما نص على ذلك في "المختصر"، وصرح به الأصحاب.

ومن أجرى لفظه على ظاهره قال: إن الغلط وقع [في] ذلك من جهة أنه لما قدم أن البينة إذا أسندت الملك إلى محسوس بأن قالت: إنه كان في ملكه بالأمس، اشتراه من صاحب اليد: أنه يقبل- قال في الشهادة باليد أمس: إنها مقبولة كذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>