للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرجل جارية لها ولد، فادعاها رجل، وأقام بينة: أنها له- حكم له بها، وهل يحكم له بالولد؟ فيه وجهان:

أحدهما: نعم؛ لأن البينة لا تنقل الملك في الحال، وإنما يتبين بها حصول الملك فيما قبل؛ فيحكم بأن الولد حصل [في] ملك من قامت له البينة.

وأصحهما: لا؛ وعلى هذا إشكالان:

أحدهما: [ما] أشار إليه الشيخ عز الدين بن عبد السلام؛ فإنه حكي عنه أنه قال: من شرط سماع الشهادة في حقوق الآدميين تقدم الدعوى الصحيحة عليها، وموافقة الشهادة لها.

وقضية ذلك: أن يحكم بالملك قبيل الدعوى؛ لأن من شرط صحة الدعوى تقدم الملك عليه؛ فإنها [لا] تنشئ الملك، وإلا لكان الحكم مرتباً على دعوى لم يحكم بصحتها، ولا وافقتها [البينة]؛ فإن المدعى عند الزوال من يوم الجمعة تتضمن دعواه وجود الملك في تلك الحالة وقبيلها، فإذا أقام البينة عند الزوال من يوم السبت، ولم يحكم بالملك إلا قبيل الشهادة- كانت شاهدة بما لم تتضمنه الدعوى؛ فينبغي ألا تسمع؛ كما قاله الأصحاب في الشهدة [بالملك] المتقدم.

وقد يجاب بأن ما ذكره الأصحاب سلكوا فيه طريق التحقيق؛ فإنه لا يتحقق تضمن شهادتهم نقل الملك في أكثر من الزمن المذكور، واحتمال تقدم الملك على الدعوى لا ينكر، وهو الكافي [في] سماع الشهادة؛ لأن المعتبر في صحة الدعوى التي يترتب عليها سماع الشهادة انتظامها وإمكانها ظاهراً، لا موافقتها ما في نفس الأمر.

وأيضاً: فإن الشهادة لا تقام إلا بطلب المدعي؛ فيقدر عند طلبه أداء الشهادة كأنه مدع للملك ذلك الوقت أيضاً؛ فلم تقع الشهادة مخالفة للدعوى.

نعم، قد يعكر على هذا ما إذا أقام شاهداً واحداً، ثم أقام آخر [بعد] مدة؛ فإن الحكم يقع عند إقامة الثاني الشهادة.

<<  <  ج: ص:  >  >>