للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الماوردي: قلنا: هذا نادر أخرجته الوصية عن حكم أصله؛ فصار كالاستثناء الذي لا يمنع جوازه من استعماله على العموم قبل وروده. وهذا ما أورده العراقيون والماوردي.

وسلك الإمام طريقًا آخر، فقال: إن أراد بقوله: ولدته، والولد في ملكي، فقد ادعى ملك الولد، ولكن لم يدعه الآن، وإنما ادعى ملكه حالة الولادة، فإذا أقام على ذلك بينة، ولم تتعرض البينة لملك الحال- فهذا يتخرج على القولين في ملك أمس، ولا فرق. وإن قال: ولدته جاريتي في ملكي، وفسر ذلك بأن الجارية مملوكة له عند الولادة، فنقول: قد تكون الجارية مملوكة له، ويتصور ذلك بالوصية، وقد يكون الولد حرًّا؛ فليس ما ذكره دعوى ملك في الولد، ولكن ادعى حصول الولد في يده، ثم ادعى يدًا في زمان سابق؛ فيجري فيه القولان في دعوى اليد السابقة.

وقد يخطر في هذا المقام أنه إذا ادعى الملك في أمه – إذ هو ثابت له بلا نزاع – فينبغي أن يلتحق ذلك بما إذا ادعى جارية حاملاً؛ فإنه يكون مدعيّا لحملها – أيضًا- وهذا فقيه، ولكن فيه احتمال من جهة: أنه أفرد الولد بالدعوى في هذه المسألة، وفي تلك وجَّه الدعوى على الأم فتبع الولد.

قلت: وحاصل ما ذكره الإمام يرجع إلى طريقة ابن سريج؛ فإن عنده لا فرق بين الشهادة بالملك السابق أو اليد السابقة، والله أعلم.

قال: وإن ادعى أن هذا العبد كان له، [وأعتقه، وغصبه] فلان، وأقام عليه بينة – فقد قيل: يقضي بها، وقيل: هي كالبينة بملك متقدم.

والفرق على الطريق الأول: أن البينة ها هنا شهدت على وفق الدعوى؛ لأنه لا يدعي الملك لنفسه في الحال، ولا كذلك ثمة.

فإن قيل: قد قلتم من قبل: إن الدعوى بملك سابق لا تسمع، وهو ما حكاه الماوردي عند الكلام فيما إذا شهدت البينة: إن هذه [العين] كانت في يده أمس، وقال الإمام في باب الدعوى في وقت دون وقت: لست أعرف خلافًا في رد دعواه؛

<<  <  ج: ص:  >  >>