للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكيف يستقيم ما ذكرتموه من الفرق؟!

قلت: ذاك فيما إذا كان الملك في الحال مقصودًا متصورًا، وليس كذلك فيما نحن فيه؛ فإن المقصود إثبات العتق، ودفع الغصب، وذكر الملك السابق وقع تبعًا.

قال: وإن ادعى عينًا في يد غيره، وأقام بينة: أنه ابتاعها من رجل – لم يقض له، أي: بتسليم العين؛ لأن الإنسان قد يبيع ما لا يملكه؛ فلا تزول يد صاحب اليد بالاحتمال.

قال: حتى تشهد البينة: إنه ابتاعها منه وهي في ملكه، أو ابتاعها وتسلمها من يده.

هذا الفصل ينظم مسألتين:

إحداهما: إذا شهدت البينة: إنه ابتاعها منه وهي في ملكه – يقضي له بتسليم العين؛ لأن ملك المشتري إنما حصل من جهة البائع، فإذا ثبت ملك البائع كان ثابتاً للمشتري الآن؛ فصار كما إذا شهدت بأنه يملكها من سنة؛ كذا قاله ابن الصباغ نقلاً وتوجيهاً، ولم يحك غيره من العراقيين والمراوزة- كالإمام والقاضي الحسين والشيخ أبي علي في "شرحه الكبير" – سواه.

نعم، حكى الرافعي في الفروع قبيل كتاب العتق عما جمع من "فتاوى" القفال: أن البينة إذا شهدت بأنه اشترى هذه الدار من فلان وهو يملكها، ولم يقولوا: إنها الآن ملك المدعي، في قبول هذه الشهادة – قولين؛ كما لو شهدوا: إنها كانت ملكه بالأمس.

ويوافق هذا قول القاضي في "فتاويه": إن الشهود إذا شهدوا بأن هذه الدار كانت لفلان إلى أن مات، وخلفها [ميراثاً] لابنه هذا، ولم يقولوا: إنها الآن ملك هذا الابن: إن الحكم كما لو قالوا: هذه الدار كانت لفلان أمس؛ لا يقبل في الجديد.

وعلى الطريقة الأولى إذا شهدت البينة: إنها للمشتري بابتياعها من زيد، قضى له – أيضاً- صرح به ابن الصباغ والرافعي، والبندنيجي وقال: إنها غير منصوصة.

الثانية: إذا شهدت البينة: إنه ابتاعها، وتسلمها من يده – قضى له بها؛ لأن الظاهر

<<  <  ج: ص:  >  >>