للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو مالك؛ لأن الشيخ أبا عاصم قال: لو أقام شخص بينة بأن هذا الشيء ملكه، وأقام آخر بينة: أنه في يده يتصرف فيه تصرف الملاك من غير منازع مدة مديدة – كانت بينة الثاني أولى؛ لأنها شهدت باليد والملك جميعًا، وبينة الداخل مقدمة على بينة الخارج، والله أعلم.

قال: وإن ادعى مملوكًا، وأقام بينة: أنه ولدته جاريته، أو ثمرة، وأقام بينة: أنها أثمرته نخلته- لم يقض له؛ لأن من اشترى جارية قد ولدت أولاداً، أو نخلة قد أثمرت وأُبِّرت ثمرتها – يصدق أن يقال: إن أمته ولدتهم، وإن نخلته أثمرت ذلك.

قال: حتى تشهد: إنها ولدته في ملكه، أو أثمرته في ملكه؛ لأنها إذا قالت ذلك، انتفى [هذا] الاحتمال.

وهذا ذكره تفريعًا على المنصوص في المسألة السابقة، وهو الذي نص عليه الشافعي هاهنا، وهو الجديد في "تعليق" القاضي الحسين و"النهاية"، وهو مخالف لما نص عليه في اللقيط إذا ادعى [رجل] رقه؛ حيث قال: إنه يكفي أن تشهد البينة: إن أمته ولدته. وكأن الفرق- والله أعلم-: أن المقصود ثم معرفة الرق من الحرية، والشهادة بأن أمته ولدته تعرف رقه؛ فإن الغالب أن ما تلده الأمة مملوك، وولادتها للحر نادر؛ فلم يعول على ذلك كما قلنا من قبل. والقصد ها هنا: تعيين المالك؛ لأن الرق متفق عليه؛ إذ المسألة مصورة بما إذا ادعى مملوكًا؛ وذلك لا يحصل بكون أمته ولدته؛ لما ذكرناه.

وقد حكى القاضي الحسين في مسألة المملوك قولاً آخر نسبه إلى القديم: أن البينة تقبل، وقال: إنه يضاهي قبول الشهادة بالملك القديم في الدار، ووجه الشبه: أنا إنما حكمنا [ثم] بالملك؛ للاستدامة؛ فكذلك ها هنا؛ لما أثبت الملك لنفسه في الأم، استديم الملك على الولد. قال: والأصح الأول، أي: وإن قلنا بسماع الشهادة بالملك القديم؛ لأنهم لم يثبتوا له الملك في الولد هنا قط، وهناك أثبتوا له ملك الدار أمس؛ فاستديم الملك.

والإمام قال: إن القول الذي حكاه القاضي عن القديم في مسألتنا خرجه بعض

<<  <  ج: ص:  >  >>