للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شهدت البينة بأن البيع صدر والبائع مالك؛ فإنه يحكم له بها ملكًا.

وإن شهدت: إنه باعها وكانت في يده، حكم بها ابتياعاً، وجرى عليه حكم الملك؛ لأن الظاهر من اليد: أنها لمالك؛ حكى ذلك عند الكلام فيما إذا كانت العين في يد شخص، فادعاها اثنان، وأقام أحدهما بينة: أنها ملكه منذ سنة، وأقام الآخر بينة: أنه اشتراها من المدعي الأول منذ خمس سنين.

فرع: إذا أقام بينة على الشراء من شخص، ثم أقام بينة أخرى على ملك ذلك البائع إلى وقت البيع – قال القاضي: يجوز ذلك، ولا فرق بين أن تشهد بينة واحدة على الأمرين، وبين أن تشهد بينتان عليهما.

قال الإمام: وهذا صحيح.

[و] قال الرافعي: وكأن المراد ما إذا أقام شهودًا على أنه اشترى منه وقت كذا، وآخرين على أنه كان يملك إلى وقت كذا، وإلا فمن شهد على أنه مالك إلى أن باع منه، فقد شهد بالبيع والملك.

فرع آخر – قاله القاضي الحسين-: لو أقام رجل [بينة]: أن الدار التي في يد فلان كانت في يد أبيه إلى أن مات، وهذا وارثه، والذي في يده لم يقم بينة على أنها له – فالدار للذي أقام البينة، بخلاف ما لو شهدت البينة: إن أباه مات وكان يسكنها؛ فإنها لا تكون له.

فإن قلت: هذا يناقض ما حكيتموه عنه من أن البينة إذا شهدت بأنه ابتاع كذا من فلان، وتسلمه من يده – لا يقضي له؛ فإن البيع سبب الملك كالإرث.

قلت: لا؛ فإن المشهود به في مسألة البيع مجرد التسليم؛ وذلك لا يدل على الملك، والمشهود به [هاهنا كونها] في يده، ولعل المراد بذلك: ما إذا كانت في يده يتصرف فيها مع امتداد المدة من غير منازع؛ كما حكينا مثل ذلك عن صاحب "الإشراف" في الفروع المذكورة بعد قول الشيخ: "وإن ادعى كل واحد منهما أنه ابتاع هذه الدار من زيد، وهي ملكه"؛ بل أقول: لو قامت البينة بأنه ابتاع هذه الدار من زيد، وأنها في يد البائع يتصرف فيها مدة مديدة من غير منازع- كانت كالشهادة بأنه باع

<<  <  ج: ص:  >  >>