للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غالب بين؛ فمن الوفاء برعاية تعذر الاحتراز النظر إلى تفاوت الأسباب.

والثاني: لا يعتبر أقل ما يتوقع في أنقى الأمكنة والأزمنة ولا أكثرها، ولكن يعتبر وسطاً بين الطرفين.

قال الإمام: وهذا ليس بشيء، فإن ضبط هذا الوسط أعسر من التزام يتبع الأحوال.

ولو كان الدم الذي حصل بثوبه أو بدنه بفعله كثيراً، لم يعف عنه وجهاً واحداً؛ قاله في "التتمة".

والفرق بين القليل والكثير يأتي.

الأمر الثاني: أنه لا فرق في اليسير من الدم بين أن يكون منه أو من غيره، وعليه يدل قوله: من سائر الدماء. وهو ما حكاه البندنيجي عن نصه في القديم و"الأم"، وحكاه الماوردي وجهاً مع وجهين آخرين:

أحدهما: [أنه] لا يعفى عن اليسير من سائر الدماء؛ كما لا يعفى عن اليسير من العذرة ونحوها، وقد حكاه البندنيجي والقاضي أبو الطيب عن نصه في "الإملاء".

والثاني: أنه يعفى عن اليسير من دم نفسه دون اليسير من دم غيره، وبعضهم ينسب هذا إلى نصه في القديم و"الأم".

ثم قضية الوجه الأول الذي هو ظاهر كلام الشيخ: العفو عن دم الكلب والخنزير، وبعض المتأخرين استثناه، وقال: إنه نص على استثنائه الأئمة؛ لما خُصَّا به من التغليظ في النجاسة. وسلك القاضي الحسين [في "تعليقه"] طريقاً آخر، فقال: دم البثرات ونحوه إذا كان من بدن المصلي عفي عنه؛ لأنه يشق الاحتراز عنه، وهو قليل في نفسه، فلو كثر فهل يعفى عنه؟ فيه وجهان ينبنيان على أن علة العفو في المسألة قبلها تعذر الاحتراز أو القلة؟

<<  <  ج: ص:  >  >>