للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وممّا ينسب إلى الشافعيّ [المنسرح]:

العلم من شرطه لمن خدمه ... أن يجعل الناس كلّهم خدمه

وواجب صونه عليه كما ... يصون في الناس عرضه ودمه

فمن حوى [العلم] ثمّ أودعه ... بجهله غير أهله ظلمه

وكان كالمبتني بنىّ [ف] إذا ... تمّ له ما أراده هدمه (١)

وقال الربيع بن سليمان المرادي: أنشدنا محمد بن إدريس الشافعيّ رحمه الله [الوافر]:

صديق ليس ينفع يوم بأس ... قريب من عدوّ في القياس

وما يبغى الصديق بكلّ عصر ... ولا الإخوان إلّا للتّآسي

[١٦٧ أ] عمرت الدهر ملتمسا بجهدي ... أخا ثقة فأكداه التماسي

تنكّرت البلاد عليّ حتّى ... كأنّ أناسها ليسوا بناس

وقال الربيع: سمعت الشافعيّ يقول، وقد قصده رجل فطلب منه شيئا فأعطاه ما أمكنه، ثمّ أنشأ يقول [البسيط]:

يا لهف نفسي على مال أجود به ... على المقلّين من أهل المروءات

إنّ اعتذاري إلى من جاء يسألني ... ما ليس عندي، من إحدى المصيبات

ويذكر أنّ الشافعيّ رحمه الله لمّا شخص إلى سرّ من رأى، دخلها وعليه أطمار رثّة، وطال

شعره. فتقدّم إلى مزيّن، فاستقذره المزيّن لمّا نظر إليه ورأى زيّه فقال له: امض إلى غيري!

فاشتدّ على الشافعيّ والتفت إلى غلام كان معه، وقال: إيش معك من النفقة؟

قال: عشرة دنانير.

قال: ادفعها إلى المزيّن!

فدفعها الغلام إليه، وولّى الشافعيّ وهو يقول [الطويل]:

عليّ ثياب لو تباع جميعها ... بفلس لكان الفلس منهنّ أكثرا

وفيهنّ نفس لو تقاس بمثلها ... نفوس الورى كانت أجلّ وأخطرا

وما ضرّ نصل السّيف إخلاق غمده ... إذا ما كان عضبا حيث أنفدته برى

فإن تكن الأيّام أزرت ببزّتي ... فكم من حسام في غلاف تكسّرا

وقال الربيع: سمعت الشافعيّ يقول [البسيط]:

ليت الكلاب لنا كانت مجاورة ... وأنّنا لا نرى ممّن نرى أحدا

إنّ الكلاب لتهدا في مرابضها ... والناس ليس بهاد شرّهم أبدا

فانج بنفسك واستأنس بوحدتها ... تلفى سعيدا إذا ما كنت منفردا

ويعزى إلى الشافعيّ [الوافر]:

وأنطقت الدراهم بعد صمت ... أناسا بعد أن كانوا سكوتا

فما عطفوا على أحد بفضل ... ولا عرفوا لمكرمة بيوتا

وقال الربيع: رأيت أشهب بن عبد العزيز ساجدا، وهو يقول في سجوده: اللهمّ أمت الشافعيّ، وإلّا يذهب علم مالك!


- الإبل المنسوبة إلى قبيلة أرحب الهمدانيّة (اللسان:
رحب).
(١) الديوان ٨٠، والسبكيّ ١/ ١٥٩ والزيادة منهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>