للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

* ومن التفاسير اللطيفة كتاب لأحد العلماء في القرن الثامن معروف بابن النَّقَّاش الدُّكَّالي (ت: ٧٦٣)، يقول الحافظ ابن حجر (ت: ٨٥٢): «التزم فيه ألا ينقل حرفًا عن كتابٍ من تفسير أحدٍ ممن تقدم» (١)، وهو اشتراط فيه شيء من الغرابة والندرة.

* ويشابه هذا الكتاب حاشيةٌ من حواشي تفسير البيضاوي، وتفسير البيضاوي (أنوار التنزيل) من أشهر التفاسير وأكثرها سيرورةً في القرن الماضي، وكان لأهل العِلْم أيام الخلافة العثمانية اعتناءٌ عظيم بهذا التفسير، بل قيل: إن من الشروط المهمة لمن أراد أن يتولى منصب مشيخة الإسلام في الدولة العثمانية أن يكون مُلِمًّا ومُطَّلعًا وعارفًا بدقائق تفسير البيضاوي.

فهذا التفسير أقيمت عليه شروح وحواشٍ وتعليقات وتعقيبات تربوا على الثلاثة آلاف حاشية، ومن حواشيه حاشيةٌ لأحد العلماء الدمشقيين، هو: محمد أمين بن عابدين (ت: ١٢٥٢)، صاحب حاشية (رد المحتار على الدر المختار) في الفقه الحنفي، الذي التزم في حاشيته على البيضاوي: أن لا يذكر شيئًا ذكره المفسرون (٢)، مثلما اشترط ابن النقاش الدكالي (ت: ٧٦٣).

* ومن اللطائف أيضًا في هذا الجانب، وهذه النماذج أذكرها لبيان هذه العنايات، وتنوع هذه الجهود في خدمة هذا الكتاب العظيم، تفسيران أيضًا من تفاسير القرآن الكريم كلاهما فسَّر القرآن الكريم بالحروف المهملة؛ بمعنى: أنه ليس فيهما مثلًا حرف (ج)، ولا حرف (خ)، ولا حرف (غ)؛ أي: ليس فيهما حرف منقوط يذكر في أثناء التفسير، إنما فيهما حروف مهملة، مثل حرف الحاء، والعين، والصاد، ونحوها.

وهو أمر فيه غرابة، فأول هذين التفسيرين (سواطع الإلهام) لفيض الله بن مبارك الأكبرابادي، (ت: ١٠٠٤)، وتفسيره مطبوع، وإن كان الرجل فيه انحرافًا عقديًّا، لكنه نحا في تفسيره هذا المسلك.


(١) الدرر الكامنة: (٥/ ٢٣٦).
(٢) انظر: حلية البشر، للبيطار: (٣/ ١٢٣٠)، ومعجم المفسرين: (٢/ ٤٩٦).

<<  <   >  >>