للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلى هذا: يُفرَّق بين المُحرَّم البيِّن فيما يُتعاقد عليه وبين المشتبه بحسب حال المتعاقدين وبُلدانهم ووفرة العلم فيها؛ فنكاحُ الأمِّ يختلفُ عن نكاح زوجة الأب، والبنتُ تختلفُ عن الأخت، وكلَّما كانت المرأة أشدَّ تحريمًا بالطبع والشرعِ، فالقرينة على الاستحلال أقوى.

وإنما كان التفريقُ بين مشرِّع العقود وسانِّها للناس وبين المتعاقدين؛ أنَّ فِعل مشرِّع العقود المُحرَّمة وسانِّها يقع على العقد، لا على فعل الحرام؛ كالرِّبا والخمر والزِّنى والانتفاع به؛ فليس هو من المتعاقدين، ولا شهوة له بالمال ولا الطعام ولا الفرج الحرام المعقود عليه، وأمَّا المتعاقدان: فَفِعلهما يقع على الحصول على المحرَّم، وشبهة الاستحلال بالعقد قائمةٌ؛ لأنهما فعلا العقد لأكل مال الرِّبا وشرب الخمر وفعل الزِّني، فلم يجداهُ إلا بعقدٍ عليه، ولو وجداهُ من غير عقدٍ، لما اشترطا العقد، ولا بحثا عنه، والحاكم يسُنُّ العقود ويشرِّعُها للناس للحصول على المُحرَّم، ففعله تشريعٌ فقط، وأعظم من ذلك من يُلزم بالعقود المُحرَّمة القطعيَّة ويعاقب على تركها.

* * *

* قال تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: ٢٣].

حرَّم الله تعالى في هذه الآية سبعًا بالنَّسَبِ، وسبعًا بالمصاهرةِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>