للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وصحب رسول اللَّه وأقام معه، وكان أوّاها (١) فاضلا كثيرا التلاوة للقرآن العزيز.

أخبرنا عبيد اللَّه بن أحمد بن علي بإسناده إلى يونس بن بكير، عن ابن إسحاق قال:

حدثني محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي، قال: كان عبد اللَّه - رجل من مزينة ذو البجادين - يتيما في حجر عمه، فكان يعطيه، وكان محسنا إليه، فبلغ عمه أنه قد تابع دين محمد، فقال له:

لئن فعلت وتابعت دين محمد لأنزعنّ منك كل شيء أعطيتك. قال: فإنّي مسلم. فنزع منه كل شيء أعطاه حتى جرّده من ثوبه، فأتى أمه فقطعت بجادا لها باثنين، فاتّزر نصفا، وارتدى نصفا، ثم أصبح فصلّى مع رسول اللَّه الصبح، فلما صلى رسول اللَّه تصفّح الناس ينظر من أتاه، وكان يفعل،

فرآه رسول اللَّه فقال: من أنت؟ قال: أنا عبد العزى.

فقال: أنت عبد اللَّه ذو البجادين، فالزم بابي. فلزم باب رسول اللَّه ، وكان يرفع صوته بالقرآن والتسبيح والتكبير. فقال عمر: يا رسول اللَّه، أمراء هو؟ قال: دعه عنك، فإنه أحد الأوّاهين.

وتوفى في حياة رسول اللَّه .

روى الأعمش، عن أبي وائل، عن عبد اللَّه بن مسعود أنه قال: لكأنّي أرى رسول اللَّه في غزوة تبوك، وهو في قبر عبد اللَّه ذي البجادين، وأبو بكر وعمر يدلّيانه، ورسول اللَّه ، يقول: أدنيا منى أخاكما. فأخذه من قبل القبلة حتى أسنده في لحده، ثم خرج رسول اللَّه ، ووليا هما العمل، فلما فرغا من دفنه استقبل القبلة رافعا يديه يقول: «اللَّهمّ إني أمسيت عنه راضيا فارض عنه. قال: يقول ابن مسعود: فو اللَّه لوددت أنى مكانه، ولقد أسلمت قبله بخمس عشرة سنة.

وقد روى من طريق آخر قال: فقال أبو بكر: وددت أنى - واللَّه - صاحب القبر.

وذكر محمّد بن إسحاق أنه مات في غزوة تبوك، وروى عن محمد بن إبراهيم بن الحارث، عن ابن مسعود في موته، ودعا له النبي نحو ما تقدم (٢). وقال: قال عبد اللَّه: ليتني كنت صاحب الحفرة.

أخرجه الثلاثة.


(١) الأواه: المتأوه المتضرع، وفي مسند أحمد ٤/ ١٥٩
عن عقبة بن عامر أن النبي قال لرجل يقال له: ذو البجادين-: إنه أواه.
وذلك أنه كان رجلا كثير الذكر للَّه ﷿ في القرآن، ويرفع صوته في الدعاء.
(٢) سيرة ابن هشام: ٢/ ٥٢٧، ٥٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>