للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَإِنْ أَحَبَّ رَدَدْنَاهُ عَلَى الْمُشْتَرِي الْمُعْتِقِ فَإِنْ رَدَدْنَاهُ عَلَى الْمُشْتَرِي الْمُعْتِقِ رَجَعَ عَلَى الْغَاصِبِ الْبَائِعِ بِمَا أُخِذَ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ أَقَرَّ أَنَّهُ بَاعَ مَا لَا يَمْلِكُ وَالْوَلَاءُ مَوْقُوفٌ مِنْ قِبَلِ أَنَّ الْمُعْتِقَ يُقِرُّ أَنَّهُ أَعْتَقَ مَا لَا يَمْلِكُ.

قَالَ: وَإِذَا غَصَبَ الرَّجُلُ مِنْ الرَّجُلِ الْجَارِيَةَ فَبَاعَهَا مِنْ رَجُلٍ وَالْمُشْتَرِي يَعْلَمُ أَنَّهَا مَغْصُوبَةٌ ثُمَّ جَاءَ الْمَغْصُوبُ فَأَرَادَ الْبَيْعَ لَمْ يَكُنْ الْبَيْعُ جَائِزًا مِنْ قِبَلِ أَنَّ أَصْلَ الْبَيْعِ كَانَ مُحَرَّمًا فَلَا يَكُونُ لِأَحَدٍ إجَازَةُ الْمُحَرَّمِ، وَيَكُونُ لَهُ تَجْدِيدُ بَيْعٍ حَلَالٍ هُوَ غَيْرُ الْحَرَامِ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ أَرَأَيْت لَوْ أَنَّ امْرَأً بَاعَ جَارِيَةً لَهُ وَشَرَطَ نَفْسُهُ فِيهَا الْخِيَارَ أَمَا كَانَ يَجُوزُ الْبَيْعُ وَيَكُونُ لَهُ أَنْ يَخْتَارَ إمْضَاءَهُ فَيُلْزِمُ الْمُشْتَرِيَ بِأَنَّ لَهُ الْخِيَارَ دُونَ الْبَائِعِ؟ قِيلَ بَلَى فَإِنْ قَالَ فَمَا فَرَّقَ بَيْنَهُمَا؟. قِيلَ: هَذِهِ بَاعَهَا مَالِكُهَا بَيْعًا حَلَالًا وَكَانَ لَهُ الْخِيَارُ عَلَى شَرْطِهِ وَكَانَ الْمُشْتَرِي غَيْرَ عَاصٍ لِلَّهِ، وَلَا الْبَائِعُ وَالْغَاصِبُ وَالْمُشْتَرِي وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهَا مَغْصُوبَةٌ عَاصِيَانِ لِلَّهِ، وَهَذَا بَائِعٌ مَا لَيْسَ لَهُ وَهَذَا مُشْتَرٍ مَا لَا يَحِلُّ لَهُ فَلَا يُقَاسَ الْحَرَامُ عَلَى الْحَلَالِ؛ لِأَنَّهُ ضِدُّهُ أَلَا تَرَى أَنَّ الرَّجُلَ الْمُشْتَرِيَ مِنْ رَبِّ الْجَارِيَةِ جَارِيَتَهُ لَوْ شَرَطَ الْمُشْتَرِي الْخِيَارَ لِنَفْسِهِ كَانَ لَهُ الْخِيَارُ كَمَا يَكُونُ لِلْبَائِعِ إذَا شَرَطَهُ؟ أَفَيَكُونُ لِمُشْتَرِي الْجَارِيَةِ الْمَغْصُوبَةِ الْخِيَارُ فِي أَخْذِهَا أَوْ رَدِّهَا؟ فَإِنْ قَالَ لَا قِيلَ: وَلَوْ شَرَطَ الْغَاصِبُ الْخِيَارَ لِنَفْسِهِ؟ فَإِنْ قَالَ لَا مِنْ قِبَلِ أَنَّ الَّذِي شُرِطَ لَهُ الْخِيَارُ لَا يَمْلِكُ الْجَارِيَةَ قِيلَ: وَلَكِنَّ الَّذِي يَمْلِكُهَا لَوْ شَرَطَ لَهُ الْخِيَارَ جَازَ فَإِنْ قَالَ: نَعَمْ قِيلَ لَهُ أَفَلَا تَرَى أَنَّهُمَا مُخْتَلِفَانِ فِي كُلِّ شَيْءٍ فَكَيْفَ يُقَاسُ أَحَدُ الْمُخْتَلِفَيْنِ فِي كُلِّ شَيْءٍ عَلَى الْآخَرِ.

قَالَ: وَإِذَا غَصَبَ الرَّجُلُ مِنْ الرَّجُلِ الْجَارِيَةَ فَأَقَرَّ الْغَاصِبُ بِأَنَّهُ غَصَبَهُ جَارِيَةً وَقَالَ: ثَمَنُهَا عَشَرَةٌ. وَقَالَ الْمَغْصُوبُ: ثَمَنُهَا مِائَةٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْغَاصِبِ مَعَ يَمِينِهِ، وَلَا تَقُومُ عَلَى الصِّفَةِ مِنْ قِبَلِ أَنَّ التَّقْوِيمَ عَلَى الصِّفَةِ لَا يُضْبَطُ قَدْ تَكُونُ الْجَارِيَتَانِ بِصِفَةٍ، وَلَوْنٍ وَسِنٍّ وَبَيْنَهُمَا كَثِيرٌ فِي الْقِيمَةِ بِشَيْءٍ يَكُونُ فِي الرُّوحِ وَالْعَقْلِ وَاللِّسَانِ فَلَا يُضْبَطُ إلَّا بِالْمُعَايَنَةِ فَيُقَالُ لِرَبِّ الْجَارِيَةِ: إنْ رَضِيتَ وَإِلَّا فَإِنْ أَقَامَ بَيِّنَةً أُخِذَ لَهُ بِبَيِّنَتِهِ وَإِنْ لَمْ يُقِمْهَا أُحَلِّفُ لَهُ الْغَاصِبَ وَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ، وَلَوْ أَقَامَ عَلَيْهِ شَاهِدَيْنِ بِأَنَّهُ غَصَبَهُ جَارِيَةً فَهَلَكَتْ الْجَارِيَةُ فِي يَدَيْهِ، وَلَمْ يُثْبِتْ الشَّاهِدَانِ عَلَى قِيمَتِهَا كَانَ الْقَوْلُ فِي قِيمَتِهَا قَوْلَ الْغَاصِبِ مَعَ يَمِينِهِ، وَلَوْ وَصَفَهَا الشَّاهِدَانِ بِصِفَةٍ أَنَّهَا كَانَتْ صَحِيحَةً عُلِمَ أَنَّ قِيمَتَهَا أَكْثَرُ مِمَّا قَالَ الْغَاصِبُ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْغَاصِبِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ ثَمَّ دَاءٌ أَوْ غَائِلَةٌ تَخْفَى يَصِيرُ بِهَا ثَمَنُهَا إلَى مَا قَالَ الْغَاصِبُ فَإِذَا أَمْكَنَ مَا قَالَ الْغَاصِبُ بِحَالٍ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ مَعَ يَمِينِهِ، وَهَكَذَا قَوْلُ مَنْ يَغْرَمُ شَيْئًا مِنْ الدُّنْيَا بِأَيِّ وَجْهٍ مَا دَخَلَ عَلَيْهِ الْغُرْمُ إذَا أَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ، وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُ خِلَافُ مَا أَقَرَّ بِهِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ.

أَلَا تَرَى أَنَّا نَجْعَلُ فِي الْأَكْثَرِ مِنْ الدَّعْوَى عَلَيْهِ الْقَوْلَ قَوْلَهُ؟ فَلَوْ قَالَ رَجُلٌ غَصَبَنِي أَوْ لِي عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ عِنْدَهُ وَدِيعَةٌ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ مَعَ يَمِينِهِ، وَلَمْ نُلْزِمْهُ شَيْئًا لَمْ يُقِرَّ بِهِ فَإِذَا أَعْطَيْنَاهُ هَذَا فِي الْأَكْثَرِ كَانَ الْأَقَلُّ أَوْلَى أَنْ نُعْطِيَهُ إيَّاهُ فِيهِ، وَلَا تَجُوزُ الْقِيمَةُ عَلَى مَا لَا يَرَى، وَذَلِكَ أَنَّا نُدْرِكُ مَا وَصَفْت مَنْ عَلِمَ أَنَّ الْجَارِيَتَيْنِ تَكُونَانِ فِي صِفَةٍ وَإِحْدَاهُمَا أَكْثَرُ ثَمَنًا مِنْ الْأُخْرَى بِشَيْءٍ غَيْرِ بَعِيدٍ فَلَا تَكُونُ الْقِيَمُ إلَّا عَلَى مَا عُويِنَ. أَوَلَا تَرَى أَنَّ فِيمَا عُويِنَ لَا نُوَلِّي الْقِيمَةَ فِيهِ إلَّا أَهْلَ الْعِلْمِ بِهِ فِي يَوْمِهِ الَّذِي يُقَوِّمُونَهُ فِيهِ؟، وَلَا تَجُوزُ لَهُمْ الْقِيمَةُ حَتَّى يَكْشِفُوا عَنْ الْغَائِلَةِ وَالْأَدْوَاءِ ثُمَّ يَقِيسُوهُ بِغَيْرِهِ ثُمَّ يَكُونُ أَكْثَرُ مَا عِنْدَهُمْ فِي ذَلِكَ تَآخِي قَدْرَ الْقِيمَةِ عَلَى قَدْرِ مَا يُرَى مِنْ سِعْرِ يَوْمِهِ فَإِذَا كَانَ هَذَا هَكَذَا لَمْ يَجُزْ التَّقْوِيمُ عَلَى الْمَغِيبِ.

فَإِنْ قَالَ: صِفَتُهُ كَذَا، وَلَا أَعْرِفُ قِيمَتَهُ قُلْنَا لِرَبِّ الثَّوْبِ ادَّعِ فِي قِيمَتِهِ مَا شِئْت فَإِذَا فَعَلَ قُلْنَا لِلْغَاصِبِ قَدْ ادَّعَى مَا تَسْمَعُ فَإِنْ عَرَفْته فَأَدِّهِ إلَيْهِ بِلَا يَمِينٍ وَإِنْ لَمْ تَعْرِفْهُ فَأَقِرَّ بِمَا شِئْت نُحَلِّفُك عَلَيْهِ وَتَدْفَعُهُ إلَيْهِ. فَإِنْ قَالَ لَا أَحْلِفُ قُلْنَا فَرُدَّ الْيَمِينَ عَلَيْهِ فَيَحْلِفَ عَلَيْك وَيَسْتَحِقَّ مَا ادَّعَى إنْ ثَبَتَ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْ الْيَمِينِ فَإِنْ حَلَفَ بَعْدَ أَنْ بَيَّنَ هَذَا لَهُ فَقَدْ جَاءَ بِمَا عَلَيْهِ، وَإِنْ امْتَنَعَ أَحْلَفْنَا الْمُدَّعِيَ ثُمَّ أَلْزَمْنَاهُ جَمِيعَ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ فَإِنْ أَرَادَ الْيَمِينَ بَعْدَ يَمِينِ الْمُدَّعِي لَمْ نُعْطِهِ إيَّاهَا فَإِنْ جَاءَ بِبَيِّنَةٍ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>