للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عن أنس أيضًا البخارى في الضعفاء، فكان ينبغي للمصنف ذكره للتقوية وبه يصير حسنًا لغيره.

قلت: هذا غلط من وجوه: الأول: أن الحديث لا يتقوى بكثرة المخرجين بل يتقوى بالمتابعين ووجود الشواهد، فإذا انفرد بالحديث راوٍ ضعيف فلو أخرجه من طريقه ألف حافظ في ألف مصنف لما زاده ذلك مثقال ذرة من قوة، لأن المدار على تهمة الراوي أو سوء حفظه، وإذ الحديث منحصر في روايته فلا فائدة في تواتره عنه، بل رواية الواحد والألف عنه سواء.

الثاني: لا يخلو أن يكون البخارى رواه من غير طريق يزيد بن أبان الرقاشي أو من طريقه، فإن كان رواه من غير طريقه فالواجب أن يقول: أن يزيد لم ينفرد به بل توبع عليه، والمتابعة عند البخارى (١)، فينبغي أن يعزوه -أى المصنف- إليهما معًا ليشير بذلك إلى الطريقين، أما مجرد العزو إلى كتاب آخر فلا يفيد، وإن كان رواه من طريق يزيد بن أبان الرقاشي -وهو الواقع- فذكره لضعفاء البخارى والتقوية به من قبيل الهذيان.

والحديث أخرجه أيضًا أبو نعيم في الحلية [٣/ ٥٢] وهو أقرب إلى العزو وأشهر من الضعفاء للبخاري، ولو اطلع على ذلك الشارح لزاده في طينه بلة، وفي طنبوره نغمة، وبذلك يتعقب عليه أيضًا. فقد قال أبو نعيم:

حدثنا الحسن بن حمويه الجثعمي في جماعة قالوا: حدثنا عبيد بن غنام ثنا إسماعيل بن بهرام ثنا الحسن بن محمد بن عثمان عن سفيان الثورى عن الأعمش عن يزيد الرقاشي عن أنس به.

الثالث: قوله: وبه يصير حسنا لغيره لم يترك من التهور شيئًا، بل هو غاية ما يأتي به [من الحماقة] (٢) في مثل هذا الباب، وقياسًا على هذا فالحديث الموضوع (٣) ورواه الخطيب مثلًا إذا خرجه معه أبو نعيم من طريق ذلك الكذاب


(١) انظر: "الهم والحزن" ٢/ ٧٤.
(٢) ساقط من الأصل.
(٣) طمس في الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>