للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على أنَّ أحدهما أمر في قوله تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ} [البقرة: ٣٤]، بدليل قوله تعالى: {مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ} [الأعراف: ١٢].

وهذا يدلُّ على أنه للوجوب؛ لأنه لو لم يكن للوجوب ما ذمَّه الله تعالى على التَّرْك.

وكذلك قوله تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ} الآية [النور: ٦٣].

ولأن التارك عاصٍ لقوله تعالى: {أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي} [طه: ٩٣]، والعاصي يستحقُّ العقابَ لقوله تعالى: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ} [الجن: ٢٣]، فكذلك تارك الأمر.

ولئن قال: لو كان الأمر للوجوب لكان الترك معصيةً في كلِّ صورةٍ من صور الأمر صيغةً، وليس كذلك.

فنقول: الكلامُ فيما إذا كان عاريًا عن القرينة النُّطْقية والعقلية.

[١٠ ب] فصل (١)

ثم النهيُ وهو: طلب الامتناع عن الفعل على طريق الاستعلاء مما يقتضي الحرمة، وإلَّا لما صحَّ إطلاقُ اسم المعصية على ارتكابِ المنهيِّ عنه، وقد صحَّ بالنقل والاستعمال، على أن المنهيَّ عنه مشتمل على المفسدة الراجحة، وإلَّا لَقَبُحَ النهيُ عن الفعل المباح، وليس كذلك.

ولأنه لو لم يكن محرَّمًا لما كان العاقل محترزًا عن ارتكاب المنهيِّ عنه حال كون النفس داعيةً إليه، وقد كان محترزًا فيكون حرامًا.


(١) "التنبيه" (ص ٤٩٠ - ٥٠١).