للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان شيخ الإسلام ابن تيميَّة - رحمه الله - يقول: من أراد السعادة الأبديَّة فليلزم عتبة العبوديَّة (١).

وقال بعض العارفين: لا طريق أقربُ إلى الله من العبودية، ولا حجاب أغلظ من الدعوى، ولا ينفع مع الإعجاب والكبر عملٌ واجتهادٌ، ولا يضرُّ مع الذُّلِّ والافتقار بطالةٌ، يعني بعد فعل الفرائض.

والقصد: أنّ هذه الذِّلّة والكسرة الخاصة تُدخله على الله، وترميه على طريق المحبّة، فيفتح له منها بابٌ لا يفتح له من غير هذا الطّريق، وإن كانت طرق سائر الأعمال والطّاعات تفتح للعبد أبوابًا من المحبّة، لكنَّ الذي يُفتح منها من طريق الذلِّ والانكسار والافتقار وازدراء النّفس، ورؤيتِها بعين الضّعف والعجز والعيب والنّقص والذّمِّ بحيث يشاهدها ضيعةً وعجزًا وتفريطًا وذنبًا وخطيئةً= نوعٌ آخر وفتحٌ آخر.

والسالك بهذا (٢) الطّريق غريبٌ في النّاس، هُم في وادٍ وهو في وادٍ، وهي تسمَّى طريقة (٣) الطَّير، يسبق النّائمُ فيها على فراشه السُّعاة، فيصبح وقد قطع الرَّكب، بينا هو يحدِّثك وإذا به قد سبق الطَّرف وفات السُّعاة، فالله المستعان وهو خير الغافرين.

وهذا الذي حصل له من آثار محبّة الله له (٤) وفرحه بتوبة عبده، فإنَّه


(١) وانظر: «مجموع الفتاوى» (٩/ ٣٤) و «جامع المسائل» (٦/ ١٢٥).
(٢) ع: «بهذه».
(٣) ع: «طريق».
(٤) «له» ساقطة من ل، ش.

<<  <  ج: ص:  >  >>