للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحلاوته= ترقَّى (١) منه إلى:

المشهد الثالث عشر، وهو الغاية التي شمَّر إليها السَّالكون، وأَمَّها القاصدون، ولحظ إليها العاملون.

وهو مشهد العبوديَّة والمحبَّة، والشوق إلى لقائه، والابتهاج (٢) والفرح والسُّرور به، فتقرُّ به عينه، ويسكن إليه قلبه، وتطمئنُّ إليه جوارحه، ويستولي ذكرُه على لسان محبِّه وقلبه، فتصير خطرات المحبّة مكان خطرات المعصية، وإرادةُ التقرُّب إليه ومرضاته (٣) مكان إرادة معاصيه ومساخطه، وحركاتُ اللِّسان والجوارح بالطّاعات مكان حركاتها بالمعاصي، قد امتلأ قلبه من محبّته، ولهج لسانه بذكره، وانقادت الجوارح لطاعته، فإنّ هذه الكسرة الخاصّة لها تأثيرٌ عجيبٌ في المحبَّة لا يُعبَّر عنه.

ويحكى عن بعض العارفين قال (٤): دخلت على الله من أبواب الطّاعات كلِّها، فما دخلت من بابٍ إلّا رأيت عليه الزِّحام فلم أتمكَّن من الدُّخول، حتّى جئت باب الذُّلِّ والافتقار، فإذا هو أقرب بابٍ إليه وأوسعه، ولا مزاحم فيه ولا معوِّق، فما هو (٥) إلَّا أن وضعتُ قدمي في عَتَبته فإذا هو قد أخذ بيدي وأدخلني عليه.


(١) في الأصل وغيره: «وترقَّى»، والمثبت من ج، ن، ع.
(٢) في ع زيادة: «به».
(٣) ع: «وإلى مرضاته».
(٤) ج، ن: «أنه قال». وقد جرت عادة أهل الحديث وغيرهم من أهل العلم بحذف «أنه» في مثل هذا التركيب خطًّا لا نُطقًا. انظر: «الفتح» (١/ ١٠٥).
(٥) «فما هو» من ج، ن، ع.

<<  <  ج: ص:  >  >>