للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سبحانه يحبُّ التوَّابين (١) ويفرح بتوبتهم أعظم فرحٍ وأكملَه. فكلّما طالع العبد منَّته سبحانه (٢) قبل الذَّنب، وفي حال مواقعة الذنب، وبعد الذنب (٣)، وبرَّه به وحلمه عنه، وإحسانه إليه= هاجت من قلبه لواعج محبّته والشّوق إلى لقائه، فإنَّ القلوب مجبولةٌ على حبِّ من أحسن إليها، وأيُّ إحسانٍ أعظم من إحسان من يبارزه العبد بالمعاصي وهو يمدُّه بنعمه، ويعامله بألطافه، ويسبل عليه ستره، ويحفظه من خطفات أعدائه المترقِّبين له أدنى عثرةٍ ينالون منه بها بغيتهم، ويردُّهم عنه، ويحول بينهم وبينه؟ وهو في ذلك كلِّه بعَينه، يراه ويطَّلع عليه، فالسَّماء تستأذن ربَّها أن تحصبه، والأرض تستأذنه أن تخسف به، والبحر يستأذنه أن يغرقه، كما في «مسند الإمام أحمد - رضي الله عنه -» (٤)

عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «ما من يومٍ إلّا والبحر يستأذن ربَّه أن يغرق بني آدم، والملائكة تستأذنه أن تعاجله وتهلكه، والرّبُّ تعالى يقول: دعوا عبدي، فأنا أعلم به إذ


(١) زِيد في ش: «ويحب المتطهرين».
(٢) في ع زيادة: «عليه».
(٣) ع: «وفي حال مواقعته وبعده».
(٤) ليس فيه هذا اللفظ الطويل الذي ذكره، ولعله كان في كتاب «الزهد» لأحمد (وليس في القدر المطبوع منه) فتوهَّم أنه في «مسنده»، لاسيما أن لفظه بهذا التمام أشبه بمواعظ التابعين والإسرائيليات منه بالأحاديث المسندة. وإنما الذي في «المسند» (٣٠٣) هو حديث عمر مرفوعًا بلفظ: «ليس من ليلةٍ إلا والبحرُ يُشرِف فيها ثلاث مرَّاتٍ على الأرض يستأذن الله في أن ينفضخ عليهم، فيكفُّه الله عز وجل». وأخرجه إسحاق أيضًا في «مسنده» (المطالب العالية: ٢٠٤٣). وإسناده ضعيف، فيه رجلٌ مبهم لم يُسمَّ. انظر: «مسند فاروق» (٢/ ٥٨٧) و «الضعيفة» (٤٣٩٢) ..

<<  <  ج: ص:  >  >>