للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا تَنْجُسُ قُلَّتَا المَاءِ بِمُلَاقَاةِ نَجِسٍ، فَإِنْ غَيَّرَهُ فَنَجِسٌ. فَإِنْ زَالَ تَغَيُّرُهُ بِنَفْسِهِ، أَوْ بِمَاءٍ طَهُرَ،

ولو انغمس محدث ثُمَّ نوى (١) أو جنب في ماء قليل ارتفع حدثه وما دام لم يخرج له أن يرفع ما يطرأ عليه فيه (٢)، والمراد أن ينغمس ببدنه وليس له أن يغترف ولو بيده وإن نوى اغترافا.

(ولا تنجس قلّتا الماء) ولو احتمالا كأن شك في الماء أبلغهما أم لا (بملاقاة نجس)؛ لخبر ((إذا بلغ الماء قلّتان لم يجنس))، وخرج بقلتا الماء ما لو بلغ قلتين بمائع يوافقه ولم يغيره فرضاً لو قدّر مخالفًا فإنه ينجس بالملاقاة ولكنه يرفع الحدث، لأن الأول دفع والثاني رفع والأول أقوى غالباً، وخرج بغالباً الطلاق فإنه يرفع النكاح و لا يدفعه لحل ارتجاع المطلّقة، فعُلم أن الرفع إزالة موجود والدفع منع التّأثر بما يصلح له لولا ذلك الدافع. ولو كان القلتان في محلّين وبينهما اتصال و بأحدهما نجِسٌ نَجُسُ الآخر إن ضاق ما بينهما و إلا طهر النجس، (فإن غيَّره) ولو يسيراً أو تقديراً كأن وقع فيه موافقه فغيّره بالفرض والتقدير، ثم إن وافقه في الصفات الثلاث قدّرناه مخالفا أشد فيها كلون الحبر وريح المسك وطعم الخل، أو في صفة قدّرناه مخالفاً فيها فقط (فنجس) إجماعاً، ولو نجس بعض القلّتين فإن كثر غير المتغيّر بقي على طهارته و إلا فلا، ولو وقع نجس في ماء كثير متغيرٍ تغيراً لا يضر قدّر زواله فإن غيّره حينئذٍ ضرّ وإلا فلا، ومثله ما لو وقع طاهر في ماء قليلا كان أو كثيراً. (فإن زال تغيره بنفسه) كمكث (أو بماء) ولو متنجساً أو أُخذ منه والباقي كثير بأن كان الإناء منخنقاً (٣) به فزال انخناقه ودخله الريح وقصرّه، أو زال تغيره بمجاور وقع فيه أو بمخالط تروَّح به. أما بالنسبة للتغير التقديري فيطهر بتقدير مدّة لو كان ذلك في الحسي لزال أو صبّ قدر من ماء على ما لو كان حسيّاً لزال تغيّره ويعلم ذلك بمشاهدة مثله (طَهُر)؛ لزوال سبب التنجس، وإنما لم يقدروا حينئذٍ النجس الذي ذهبت أوصافه مخالفاً بأشد الصفات؛ لأن المخالفة كانت موجودة بالفعل ثم أزيلت بخلافها ابتداءً، ولو عاد التغير لم يضر إلا إن بقيت عين النجاسة،


(١). قال في الفتح: ((فلو عكس لم يرتفع، ولو انغمس بالوجه أوَّلا ناويا عنده صار مستعملا لبقية أعضائه)).
(٢). فلو انغمس بعد غسل رجليه مثلا ثم أتم الانغماس لزمه غسل رجليه عن الأصغر بالنية ويجزيه بذلك الماء قبل خروجه، قاله في الفتح أيضا.
(٣). خنقتُ الحوض تخنيقا إذا شددت ملأه، لسان العرب.

<<  <  ج: ص:  >  >>