للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قولٌ وفعلٌ، فالقول أن يسلم في غير موضع السلام ناسياً، أو يتكلم، ناسياً، فيسجد للسهو، والدليل عليه أن النبي صلى الله عليه وسلم سلم من اثنتين وكلم ذا اليدين وأتم صلاته وسجد سجدتين (١).

(وقال) الجمهور ومنهم الثوري وابن المبارك والحنفيون: تبطل صلاةُ المتكلم ولو ناسياً أو جاهلاً، لعموم أحاديث النهي عن الكلام في الصلاة كما تقدم في بحث "مبطلات الصلاة" (٢) (قال) النووي: فإن قيل: كيف تكلم ذو اليدين والقوم وهم بعد في الصلاة، فجوابه من وجهين:

(أحدهما) أنهم لم يكونوا على يقينٍ من البقاءِ في الصلاة، لأنهم كانوا مجوزين نسخ الصلاة من أربع إلى ركعتين، ولهذا قال: أقصرت الصلاة أم نسيت؟

(والثاني) أن هذا كان خطاباً للنبي صلى الله عليه وسلم وجوابً وذلك لا يبطل عندنا وعند غيرنا (٣).

وفي رواية لأبي داود بسند صحيح أن الجماعةَ أومأُوا، أي نعم. فعلى هذه الرواية لم يتكلموا (فإن قيل) كيف رجع النبي صلى الله عليه


(١) ص ١٢٤ ج ٤ شرح المهذب (الذي يقتضي سجود السهو أمران زيادة ونقصان).
(٢) انظر ص ٢ و ٣ ج ٤ دين (حكم الكلام في الصلاة).
(٣) تقدم في بحث "قطع الصلاة" ص ١٤٣ ج ٣: أن الصلاة تبطل عن الحنبلية بإجابة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وهو الصحيح عند الحنفية، وأنها لا تبطل عند الشافعية إلا إذا زاد في الجواب على المطلوب. والمعتمد عند المالكية عدم البطلان (قال) في المهذب: فإن كلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأجابه لم تبطل صلاته "لما روي" أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم على أبي بن كعب وهو يصلي فلم يجبه، فخفف الصلاة وانصرف إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما منعك أن تجيبني؟ قال: يا رسول الله، كنت اصلي. قال: أفلم تجد فيما أوحى إلى: "استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم"؟ قال: بلى يا رسول الله لا أعود. اهـ، ص ٤١ ج ٤ شرح المهذب (والحديث) أخرجه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح. وأخرجه النسائي بمعناه. وأخرجه البخاري والدارمي والبيهقي وأبو داود والنسائي عن أبي سعيد ابن المعلي بلفظ في بحث "قطع الصلاة" رقم ١٨٦ ص ١٤٢ ج ٣ دين [٤٠٧].