للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأعرابي الذي بال في المسجد (قال) أنس بن مالك: بينما نحن في المسجد مع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذ جاء أعرابي فقام يبول في المسجد، فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: مه مه. فقال صلى الله عليه وعلى آله وسلم: لا تزرموه دعوه. فتركوه حتى بال، ثم دعاه، فقال له: إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول ولا القذر، إنما هي لذكر الله عز وجل والصلاة وقراءة القرآن، فأمر رجلاً من القوم فجاء بدلو من ماء فشنه عليه. أخرجه مسلم (١) {٤٥٣}. ومنه يعلم لزوم تطهير جسد المصلي بالأولى.

(ب) أقسام النجاسة- هي عند الحنفيين مغلظة ومخففة فما ورد النص بنجاسته بلا معارض ولا حرج في اجتنابه كالدم وفضلة الإنسان وما لا يؤكل لحمه ولعاب الكلب والخنزير فهو مغلظ عند الإمام، وإن عارض نصان في نجاسته وطهارته كبول ما يؤكل لحمه والفرس وخرء طير لا يؤكل لحمه فهو مخفف عنده (وقال) الصاحبان: ما اتفق على نجاسته ولم يكن في إصابته بلوى فهو مغلظ كالمتفق على نجاسته فيما تقدم وإلا فمخفف كالمختلف في نجاسته ما عدا المني. فالتخفيف عند الإمام كما يكون بالتعارض يكون بعموم البلوى بالنسبة إلى جنس المكلفين وإن ورد نص واحد في نجاسته من غير معارض، وكذا عندهما كما يكون التخفيف بالاختلاف يكون بعموم البلوى في إصابته وإن اتفق على نجاسته. وإذا كان النص الوارد في نجاسة شيء يضعف حكمه باختلاف العلماء في عندهما فيثبت به التخفيف فضعفه بما إذا ورد نص آخر


(١) انظر ص ١٩٣ ج ٣ نووي مسلم (الأرض تطهر بالماء). و (مه) اسم فاعل مبني على السكون معناه اكفف. و (لا تزرموه) بضم التاء الفوقية واسكان الزاي بعدها راء، أي لا تقطعوا عليه بوله (فشنه) يروي: بالشين المعجمة والسين المهملة ومعناه صبه. وفرق بعض العلماء بينهما فقال: هو بالمهملة الصب بسهولة. وبالمعجمة التفريق في صبه.